أصل اللهجات العربية

أصل اللهجات العربية… نظرة على كيفية نشأة اللهجات العربية الحديثة

هو حتما تساؤل مثير للفضول حينما يتعلّق الأمر باللّهجات العربية الحديثة الّتي نستخدمها في حياتنا. وكمحاولة للإجابة عن هذا التساؤل، سأحاول في هذا المقال نقل ما وجده الباحثون عن أصل اللهجات العربية الحديثة.

ويمكننا تقسيم اللهجات إلى 5 أقسام: شبه الجزيرة العربية، الشام، شمال أفريقيا، مصر والسودان، وبلاد ما بين النهرين.

من المهمّ الإشارة إلى أنّه يطلق على ما تتحدّثه الدول المتحدّثة باللغة العربية اسم Diglossia أو ازدواجية اللسان. وذلك لأنّها دول يكبر أفرادها على تعلّم لغتين: اللغة العربية الرسمية في المدارس والمؤسّسات، واللّغة العربية العامية في الحياة اليومية. ولهذا من المهمّ أن نعرف أيضا من أين جاءت اللغة العربية الفصحى الّتي نعرفها حاليا. هل كانت لغة العرب قديما، أم أنّه تمّ وضعها حديثا فقط؟

احصل على ثانوية الأشباح

قد ترغب بقراءة: أصل سكان الجزائر… نظرة على علم الجينات للتعرف على الحقيقة

اللّغة العربية وأصل اللهجات العربية

رغم أنّنا سنتحدّث هنا عن اللهجات العربية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلّا أنّه من الجدير بالذكر بأنّه هناك مناطق أخرى تتحدّث العربية. وهي: بعض مناطق جنوب تركيا، ومن قبل الطائفة المسيحية المارونية في شمال قبرص، وبعض مناطق جنوب الصحراء الكبرى، وبعض المناطق في بلخ بأفغانستان، وبعض مناطق إيران، وبعض مناطق أوزبكستان.

ويمكن إبراز الاختلاف بين اللّغة العربية الفصحى واللهجات الحديثة بأنّ الفصحى هي اللّغة الرسمية المكتوبة، واللّهجات هي لغة التحدّث. كما يجب أن ننتبه إلى أنّ اللغة الفصحى لا تمثّل اللغة العربية القديمة، بل هي لغة وسط أخذت من القرآن بشكل أساسي وتمّ وضع قواعد لها من قبل علماء النحو لتوحيدها. وقد اعتمدت على لغة قريش بشكل أكبر.

واللّغة العربية هي إحدى اللّغات السامية المهمّة، ولها حوالي 315 مليون متحدّث بها كلغة أمّ، ويفوق العدد 400 مليون إذا ما تمّ احتساب متحدّثيها ممّن لهم لغة أمّ مختلفة.

اختلاف اللغة العربية قديما حسب القبائل

توضّح الدّراسات بأنّ اللغة العربية قديما لم تكن لغة موحّدة لكلّ القبائل، بل كانت بدورها عبارة عن لهجات مختلفة نسبيا عن بعضها البعض. وقد كانت لهجة قريش هي اللّغة الوسط، وكانت تُعتبر أفضل لهجة عربية من بين لهجات مختلف القبائل.

إضافة لذلك، لم تكن لغة أهل جنوب الجزيرة العربية مشابهة للهجات بقيّة القبائل القريبة من القرآن الكريم. إذ إنّها كانت لغة عربية، لكنّها بعيدة كثيرا عن العربية الّتي نعرفها.

قد ترغب بقراءة: قراءة في كتاب “الأمير” لنيقولا مكيافيلي

أصل اللهجات العربية

هناك الكثير من الخلاف بين الباحثين عن كيفية تكوّن اللّهجات العربية الحديثة، والّتي تختلف عن اللهجات العربية القديمة. كما هناك اختلاف حول إذا ما كانت هذه اللهجات تعود لأصل واحد أم أنّها انحدار عن عدّة لهجات عربية قديمة، وما مدى علاقة هذه اللّهجات الحديثة باللغة العربية الفصحى الّتي نعرفها اليوم. ويمكن جمع خلاف الباحثين في أربع اقتراحات عن أصل اللهجات العربية الحديثة:

  • إمّا منحدرة عن اللّغة العربية القديمة الّتي وصفها علماء النحو.
  • أو منحدرة عن لغة حديثة كانت موجودة بالفعل في غرب مدن مكة والمدينة قبل الإسلام.
  • أو منحدرة من لغة كوينية نشأت قبل الإسلام والّتي كان لها الكثير من الخصائص الّتي تتميّز بها اللهجات العربية اليوم. (اللغة الكوينية هي اللغة أو اللهجة الّتي تنشأ نتيجة اختلاط عدة لهجات لنفس اللغة نتيجة الاتصال بين متحدّثي تلك اللهجات).
  • أو منحدرة بشكل منفصل عن بعضها من عدّة لهجات قديمة.

لا بدّ أنّ الصّورة قد بدأت تتوضّح قليلا عن أصل اللهجات العربية. ورغم اختلاف الباحثين في كيفية تطوّر هذه اللّهجات، إلّا أنّ الأحداث تبيّن أنّ اللّهجات كانت عبارة عن خليط من اللغات والظروف.

إذ كانت اللغة العربية تنتقل إلى مختلق المناطق خارج الجزيرة العربية، سواء عن طريق الفتوحات الإسلامية، أو عن طريق التجارة وغيرها. وكلّ منطقة ينتقل إليها نوع مختلف من اللغة العربية حسب القبائل الّتي تنتقل إليها، ثمّ تختلط هذه اللغة مع اللّغة المحلّية للسكّان لتصنع لغة سهلة التحدّث والفهم لكلا الطّرفين. أضف إلى ذلك اختلاط اللّهجة المكوّنة من خليطين باللّغات الأجنبية كالتركية والفرنسية والإسبانية والإنجليزية وغيرها. وذلك على حسب اللّغات الّتي خالطتها كل منطقة حسب مجريات التاريخ. وبذلك تشكّلت لهجة محلية سهلة الفهم لأبناء كل منطقة.

الخلاصة

لقد قام الكثير من الباحثين بدراسة اللّهجات العربية الحديثة بشكل مستفيض كلّ منها على حدى، وربّما قد يؤدّي ذلك لاكتشاف المزيد عن أصل كلّ منها وكيفية تطوّرها. لكن يظلّ الاختلاف قائما حول أصل هذه اللّهجات بشكل عام وسبب اختلافها عن بعضها حسب المناطق الّتي قمنا بتقسيمها أعلاه حسب اللهجة المستخدمة. وتظلّ لهجة الجزيرة العربية أكثر لهجة قدما وأقربها لعربية قريش حسب الباحثين.

وهناك أيضا لوم كبير على إهمال علماء اللّغة دراسة اللهجات العربية القديمة واكتفائهم بضبط اللغة العربية الفصحى لغة القرآن. وذلك لأنّ دراسة تلك اللهجات تخبرنا أكثر عن اللغة العربية، وقد تحلّ لغز اللهجات الحديثة.

وفي النهاية من المهمّ الانتباه إلى كيفية استطاعة اللّغة العربية الانتشار في كلّ تلك المناطق خارج الجزيرة العربية، و يعود ذلك بشكل أساسي إلى الفتوحات الإسلامية.

المصادر

الصورة البارزة للمقال

(Arabic Dialects (general article

المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا