قصة السودان - أقاليم السودان

قصّة السودان (1): أقاليم السودان

لفهم قصّة السّودان وما يحصل، لا بدّ من العودة للخلف بحوالي قرن كامل لنفهم كيف كانت البداية.
لكن قبل ذلك، علينا أن نفهم عاملا مهمّا، وهو تشكيلة السّودان القبلية الّتي كانت السّبب الرّئيسي في انقسامه. حيث سنتعرّف أوّلا على أقاليم السودان الّتي شكّلته منذ القدم إلى الآن.

ستكون بداية جيّدة أن نفهم قليلا تشكيلة السّودان والقبائل الّتي تقطن مختلف المناطق. مع العلم أنّه توجد حوالي 600 قبيلة وعرق في السودان، وهو تنوّع مثير للإعجاب. فحينما نحكي عن أقاليم السّودان نحن نحكي عن تاريخ السودان بشكل عام، وكذا تاريخ السودان القديم. لكنّنا لن نخوض في هذا المقال في كثير من التفاصيل.

قد ترغب بقراءة: نظرة على جذور الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

احصل على ثانوية الأشباح


أقاليم السودان القديم والحديث

يمكن أن نقسّم السّودان إلى 6 أقاليم هي كالتّالي:

إقليم شرق السّودان

يشمل ولايات البحر الأحمر والقضاريف وكسلا (انظر على الخريطة).

تسكنه قبائل أفريقية تُدعى قبائل البجا.

كانت بينها نزاعات قبلية خاصّة بسبب قسوة المنطقة وقسوة العيش فيها.

كما كانت تغير على ممالك النّوبة.

خرجت منها جبهة شرق السّودان سنة 2005، والّتي تكوّنت من مؤتمر البجا وتنظيم الأسود الحرّة.

إقليم ممالك النوبة

تقطن مناطق شمال ووسط السودان.

حكم أجزاءً كبيرة منهم حكّام مصريون من الأسرة الفرعونية الثّانية.

قامت فيه ممالك نوبية كبيرة، آخرها ممكلة مروى.

عادت ممالك نوبية أخرى للظهور بعد القرن 5 ميلادي، وهي مملكة نوباتيا في الشمال، ومملكة المقرة في الوسط، ومملكة علوة في الجنوب.

كانت هذه الممالك مسيحية.

سقطت على يد القبائل العربية المتحالفة مع قبائل الفونج، حيث كان سقوط آخرها سنة 1504.

إقليم شمال ووسط السودان

دخل العرب إلى السّودان عن طريق المماليك الّذين أرسلوا قوّاتهم إلى ممالك النّوبة.

– تحالف العرب مع قبائل الفونج واستطاعوا إسقاط ممالك النوبة وإقامة أوّل سلطنة إسلامية هناك سمّيت سلطنة سنار.

– الفونج هم قبائل أصيلة كانت تقطن ما يسمّى بالنّيل الأزرق (انظر الخريطة).

سمّيت أيضا مملكة الفونج الإسلامية الكبرى، وكذا السلطنة الزرقاء.

تشكّل حاليا ولايات الشمالية والخرطوم والجزيرة ونهر النيل وسنار (انظر الخريطة).

إقليم كردفان

يشمل وسط جنوب السودان.

حكمه سلاطين الفونج وكذا سلاطين دارفور.

تمّ احتلاله لاحقا حينما احتلّ السّودان من طرف الاحتلال المصري الإنجليزي.

كان عبارة عن ثلاث ولايات هي: شمال وجنوب وغرب كردفان، ثمّ تمّ إلغاء ولاية الغرب، ثمّ عادت الولاية ثانية (انظر الخريطة).

إقليم دارفور

يقع غرب السودان.

تسكنه قبائل عربية وأفريقية.

نشأت فيه سلطنة الفور منذ وقت مبكّر، سنة 1445م.

تمّ ضمّه إلى السّودان المحتلّ سنة 1917.

نشأ فيها نزاع مسلّح على خلفيات عرقية وقبلية بين الجنجويد والمجموعات المتمرّدة.

الجنجويد هم ميليشيات مسلّحة مكوّنة من القبائل العربية، وقد نشطت في إقليم دارفور منذ سنة 1987، كما تمّ دعمها من قبل الحكومة السّودانية.

أمّا الطّرف الآخر فهو عبارة عن حركة تحرير السّودان وحركة العدل والمساواة، وتتكوّن من سكّان دارفور من غير العرب، وهي قبائل الفور والزغاوة والمساليت.

قد ترغب بقراءة: لماذا أصبحت كافرة بأنظمة التعليم الفاشلة في هذا العالم؟

جنوب السّودان

جنوب السودان

خريطة توضّح جنوب السودان وولاياته: المصدر من هنا.

لا يبدو أنّ هناك معلومات كثيرة عن جنوب السودان القديمة.

ولّدت سياسة جلب الرّقيق قديما الكره اتّجاه شمال السودان.

لم ترغب بريطانيا بداية بضم جنوب السودان بسبب الاختلافات العرقية والدينية.

تم ضمّ إقليم جنوب السودان إلى السودان في مؤتمر جوبا سنة 1947.

اشترط الجنوب أن يكون لديهم حكم ذاتي، لكنّ حكومات السودان ماطلت في ذلك.

اشتعلت حرب أهلية بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية، وتقاتلت فيها القبائل فيما بينها.

انتهت الحرب باتفاق السلام واستقلال الجنوب وتشكّل جمهورية جنوب السودان سنة 2011.

القبائل التي تسكن جنوب السودان هي قبائل الدينكا ثمّ النوير ثمّ قبائل أخرى مثل الشلك والباري والزاندي والمنداري والمورلي.

الدين في جنوب السودان: أكثر من نصف السكان لهم اعتقادات محلية، بينما يتوزع البقية بين الإسلام والمسيحية.

أمّا اللغات الرسمية فهي الإنجليزية والعربية، كما لديهم لهجات محلّية.

لماذا يحصل الانفصال في السودان؟

سنفصّل في كلّ إقليم خلال المقالات القادمة. لكن أهمّ ما يجب قوله هو أنّ سبب الانفصال وسبب الحروب الأهلية في أقاليم السودان هو الفقر والحاجة والحرمان وتفضيل عنصر على عنصر آخر. ويحصل هذا خاصّة في نظرة بقيّة القبائل إلى العرب الّذين يسكنون الشّمال في معظمهم.

فجنوب السّودان أحسّ بأنّ الشّمال يأخذ حقوقا أكثر منه، لذلك طالب بالانفصال. ونفس الأمر يحصل مع دارفور، فشرق السّودان يشعر بأنّه مهمّش ويعيش الفقر ولم تلتفت إليه الحكومة لحلّ مشاكله، ولهذا يهدّد هو الآخر بالانفصال.

ولو استمرّ الحال على ما هو عليه فسيتمّ تفتيت السّودان إلى دويلات. وهو ليس في صالح سكّان السّودان الّذين استطاعوا التّعايش لفترات لا يمكن أن تُمحى من التّاريخ، لكنّه حتما في صالح قوى خارجية كان لها الأثر على ما حدث وما يحدث.

عرف السودان فترات توحيد بين مختلف أقاليمه، وربّما حصل ذلك أثناء فترة حكم الدّولة العثمانية ثمّ أثناء فترة الاحتلال المصري الانجليزي. وإذا ما نظرنا إلى الفترة الثانية فلا شكّ أن تسميتها احتلالا هو أمر طبيعي، فمصر نفسها كانت محتلة من قبل الانجليز. أمّا الفترة الأولى فرغم أنّ بعضهم يحاول تسميتها غزوا ورغم أنّه قد حصلت فيها انتهاكات، إلّا أنّها لم تكن محاولة احتلال، بل محاولة لمّ شمل كلّ الوطن الإسلامي تحت راية الخلافة العثمانية.

إذن موضوعنا القادم واضح الآن، وهو الثورة المهدية. حيث سنتعرف على سبب قيام هذه الثورة وحال السودان خلال الحكم المهدي إلى الاحتلال ثمّ الاستقلال.

المراجع

شرق السودان وحدود الدم – الجزيرة

جنوب السودان – الجزيرة

كيف تشكلت دولة السودان – محفوظ أبو كيلة



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا