هل الأبراج حقيقة

هل الأبراج حقيقة؟ تعرّفوا على إجابة هذا السؤال من هنا

لازال الكثير من النّاس يقرأ برجه يوميا ويصدّق ما يقرأه. بينما يقرأ بعضهم للتّسلية، رغم أنّ تلك التسلية قد تتحوّل لتصديق دون وعي. وبينما يسأل البعض سؤال “هل الأبراج حقيقة”، يؤمن البعض بأنّها حقيقة علمية قائمة على ما يسمّى علم الفلك. ويدخل ضمن موضوع الأبراج رأي الدّين فيها، فكيف ينظر الإسلام إلى الاطّلاع على الأبراج وتصديقها؟

سأحكي لكم في هذا المقال عن حقيقة الأبراج، ولماذا يميل النّاس إلى تصديقها. كما سأوضّح لكم رأي العلم ورأي الدين فيها. إضافة إلى الاعتقاد الخاطئ الّذي يتبنّاه البعض بأنّ الأبراج تعني علم الفلك. فأرجو أن تستمتعوا بهذا المقال.

احصل على ثانوية الأشباح

هل الأبراج حقيقة؟ وهل تتعلّق بعلم الفلك؟

أوّلا يجب أن يتّضح لدينا الفرق بين علم التنجيم وعلم الفلك. فعلم التنجيم هو ما يُعنى بالأبراج، هو عبارة عن محاولات للتنبّؤ بالمستقبل أو بصفات شخصية بناءً على لا شيء. أي لا توجد أيّ قاعدة علمية ينطلق منها هذا العلم. وهو مجرّد خرافات استمرّت في التواجد منذ آلاف السّنين.

أمّا علم الفلك فيُعنى بدراسة حركة الكواكب والنجوم وغيرها في الفضاء الواسع. وهو علم أكاديمي يقوم على نظريات علمية. وليس في هذا العلم أيّ شيء عن التنبّؤ بالمستقبل أو قراءة الشخصيات. بل هو علم لدراسة الظواهر في الفضاء وفهمها.

فكثيرا ما يربط الناس بين التنجيم وبين علم الفلك، بينما هما منفصلان تماما عن بعضهما. وقد سارت مثل هذه الخرافات مع البشر منذ أن كان الإنسان يستخدم السّماء ليعرف الاتجاهات ويعرف الوقت وما إلى ذلك. إذ تمّ استخدام الكواكب والنجوم لمعرفة الأيّام والشهور. لكن وفي نفس الوقت، كان الإنسان يتعامل مع الطبيعة بخوف حينما لا يعرف الحقيقة، فيظنّ بأنّ الطبيعة تمنحه إشارات لتحذّره أو لتشجّعه على المضيّ ليحصل على صيد وفير في يومه.

وقد انبثق ذلك من جهل الإنسان البدائي. فتماما كما جنح مرّة لعبادة الأصنام ومرّة لعبادة الشمس، بل وذهب به الأمر إلى تقديم تضحيات ليرضي الطبيعة الّتي لم يفهمها. فقد جنح هذا الإنسان إلى محاولة فهم ما لا يستطيع فهمه من خلال ما يراه حوله. وكانت الأبراج جزءا من محاولاته تلك.

وقد تمّ تقسيم الأبراج كما هي عليه الآن من قبل الحضارة البابلية خلال 1500 سنة قبل الميلاد، ثمّ تبنّى الإغريق هذه الأبراج وسمّوها. واعتمدوا عليها لمعرفة بداية العام ونهايته.

وقد قام بالفعل أحد علماء الطبيعة سنة 1985، بتجربة مدى حقيقة الأبراج في معرفة شخصية 116 متطوّعا. حيث قدّم ثلاث أوصاف شخصية، واختار أشهر المنجّمين في ذلك الوقت ليربطوا الأوصاف مع المتطوّعين. وكانت النتيجة صحيحة بنسبة واحد إلى ثلاثة، وهو ما يعني بأنّ الحظّ قد يخرج بنتيجة أفضل من تلك.

قد ترغب بقراءة: تأثير الخرافات على المجتمع.. بعض مظاهر إيمان الناس بالخزعبلات

هل الأبراج حقيقة؟ إليك إجابة الإسلام

حينما جاء الإسلام، هدم معه كلّ الخرافات، فلم يأمر القرآن البشر مطلقا بالإيمان بأيّ شيء لا تفهمه عقولهم، لأنّ العقل البشري مكرّم في الإسلام. وقد بيّن الله في كتابه في مواضع كثيرة بأنّ معرفة الغيب مستحيلة إطلاقا. فلا يعلم الغيب إلّا الله. وقد جاء في الآية الّتي تتحدّث عن الجنّ بأنّهم قد منعوا من الاستماع إلى وحي السماء. إذ أصبحت السماء محروسة ويتمّ ضرب كلّ من يحاول استراق السمع بشهاب.

والآية تقول “وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)”

وهناك آية أخرى تتحدّث عن هذا الموضوع، إذ يقول الله تعالى: “إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ”. فهناك من يفسّر هذه الآية بأنّه ربّما يحرق الشهاب الجن قبل الوصول إلى الكاهن ليخبره بما سمعه، وربّما يحرقه بعد أن يفعل. أي أنّ هناك بعض الكهنة ممّن يستخدمون الجنّ لمعرفة الغيب. لكن حتّى لو كان ذلك صحيحا، فليس ناجحا دوما بسبب صعوبة استراق الجنّ السمع.

ولهذا فيعتبر الإسلام الأبراج كهانة، والكهانة محرّمة في الإسلام. فالمسلم يجب أن يؤمن بأنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله، وإلّا لم يكن مسلما كاملا. وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم “مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً”.

فموقف الإسلام واضح من هذا الموضوع، إذ لا يجب أن يحقّر المسلم عقله من جهة، ولا يجب أن يكذّب ما جاء في القرآن والسنّة بأنّ علم الغيب هو علم خاصّ بالله فقط، ولا ينبغي للإنسان أن يبحث عنه أو يعتقد بأنّه قادر على معرفته أو تغييره. فهذه كلّها خرافات كان يجب أن تندثر في العالم الإسلامي مع مجيء الإسلام.

خلاصة القول

ما يساعد مثل هذه الخزعبلات على الانتشار أكثر وأكثر في مجتمع مسلم هو نقص الوعي الدّيني من جهة، والترويج لها في الفضائيات والصحف من جهة أخرى. فكثيرا ما تستطيف الفضائيات مهرّجين يسمّون أنفسهم علماء فلك ليتنبّؤوا بما سيجلبه العام الجديد على العالم أو على المنطقة. وهذا بحدّ ذاته تسخيف لعقول المشاهدين، وتحريض لهم على الإيمان بهذه الخزعبلات. فالمشاهد الّذي لا يعرف كثيرا عن الموضوع سيصدّق بأنّ التنبّؤ هو جزء من علم الفلك. فعلى الأقلّ يجب أن يسمّي أولئك المهرّجون أنفسهم “منجّمين” ليتّضح الموضوع. فلو سمعت بهم ناسا لأغلقت وتوقّفت عن العمل!

وهذا الموضوع يذكّرني ببعض القصص الّتي حكيتها في مقال سابق عن تأثير الخرافات على المجتمع. فقد يتمّ تفسير ميل النّاس لتصديق الأبراج بأنّهم يرغبون بالشعور بالأمان أو الإيجابية في حياتهم. لكنّ ذلك ينطبق على شخص ملحد لا دين له. وليس على المسلم الّذي علّمه ربّه ونبيّه كيف يعيش حياة سليمة.

أرجو بأنّني أجبت بشكل وافي على هذا الموضوع، فحينما يسألك أحد “هل الأبراج حقيقة؟” فأجب بلا فورا وأفهمه بأنّ علم الفلك براء من هذا الدجل.

قد ترغب بقراءة: نظرة المجتمع الشرقي إلى الشخص المختلف والخوف من الاختلاف في التفكير



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا