يجمع هذا المقال معلومات بسيطة ومهمّة قد نتساءل عنها كثيرا، وهي تخصّ تسمية سور القرآن وترتيبها.
سنجيب في هذا المقال عن أسئلة مثل: من رتّب السّور على تريبها الحالي؟ من رتّب الآيات على ترتيبها الحالي؟ ومن سمّى السّور بأسمائها؟
نعلم جميعا أنّ التّرتيب الّذي نعرفه في المصاحف يختلف عن ترتيب آيات النّزول. وسيجيب المقال عن هذه الأسئلة ببساطة دون الخوض في التّفاصيل. ويمكن طبعا الرّجوع لقراءة التّفاصيل عن العلماء من خلال المصادر أسفله.
قد ترغب بقراءة: أهمية الدين في حياة الإنسان وأثره عليها وعلى تكوين مجتمع سويّ
قبل معرفة سبب تسمية سور القرآن وترتيبها… جمع القرآن في مصحف واحد
من المعلوم أنّ عثمان بن عفّان رضي الله عنه هو من جمع القرآن في مصحف واحد خوفا من ضياعه. وقد حصل في عهده خلاف بسبب ذلك. لكنّ الحقيقة أنّه لم يكن أوّل من فعل ذلك.
فأبو بكر الصدّيق كان أوّل من جمع القرآن في مصحف. وكلّ ما في الأمر أنّه في عهد عثمان بن عفّان، حصلت خلافات كبيرة جعلت جمع المصحف سببا لإثارة الفتنة والخروج ضدّ عثمان بن عفّان. ولهذا لم نسمع بأن وقع خلاف بشأن ذلك في عهد أبو بكر الصدّيق أو عمر بن الخطّاب.
ترتيب آيات وسور القرآن
يتّفق العلماء على أنّ ترتيب الآيات داخل السّور هو توقيفي، ومعنى ذلك أنّ بتوقيف من النّبي صلّى الله عليه وسلّم. فقد كان الرّسول يخبر الصّحابة بموقع كلّ آية حينما تنزل عليه.
ويختلف العلماء في ترتيب السّور، فمنهم من يقول أنّه توقيفي، ومنهم من يرى بأنّه اجتهاد من الصّحابة.
- اعتمد بعض ممّن قالوا بأنّ ترتيبها اجتهاد على اختلاف المصاحف. فمصحف عليّ كان أوّله اقرأ. ومصحف ابن مسعود وأبيّ بن كعب يبدآن بالبقرة ثمّ النّساء ثمّ آل عمران. طبعا مصحف عليّ كان يتبع النّزول.
- يرى بعضهم أنّ السّور مرتّبة بهذا التّرتيب منذ عهد النّبي، ما عدا الأنفال وبراءة.
- يرى بعضهم أنّ كثيرا من السّور معلوم ترتيبها منذ عهد النّبي، وهي السّبع الطّوال والحواميم والمفصّل. وما تبقّى يمكن أن يكون مرتّبا من قبل السّلف.
- يرى بعضهم أنّ ترتيب السّور هو توقيفي حتما لاتّساقها مع بعضها. حيث تقود نهاية السّورة إلى بداية السّورة اللّاحقة وغير ذلك.
- ويرى السّيوطي في كتابه، الّذي أعتمد عليه في هذا المقال، بأنّ ترتيب السّور توقيفي. أمّا بشأن مصحف ابن مسعود وأبيّ فلم يصلهما ما نسخ من القرآن.
لماذا لا توجد بسملة في سورة التّوبة؟
كنّا قد قلنا أعلاه أنّ العلماء يرون أنّ ترتيب السّور توقيفي ما عدا سورتي الأنفال والتّوبة. وسورة التّوبة هي السّورة الوحيدة الّتي لا تبدأ بالبسملة.
ويعود سبب ذلك إلى ما قاله عثمان بن عقّان بأنّ سورة التّوبة كانت آخر ما نزل من القرآن، وقد انتقل الرّسول إلى الرّفيق الأعلى قبل أن يبيّن لهم موضعها، فجعلها عثمان بعد سورة الأنفال لأنّها تشبهها، لكن لم يدر إن كانت تكملة لها أم لا. وذلك هو سبب عدم وضع بسملة لها.
لكنّ المشكلة في هذا التّفسير هو أنّ الحديث الّذي وراءه هو حديث غير صحيح. ومع ذلك، يرى العلماء أنّه طالما وصلتنا من الصّحابة بذلك التّرتيب فيمكن الوثوق بها، والحديث بشأن سورتي الأنفال والتّوبة.
تسمية سور القرآن
فيما يخصّ أسماء سور القرآن، فلها نفس الاختلاف كما ترتيبها. إذ يرى بعض العلماء أنّها توقيفية كلّها، بينما يرى بعضهم أنّ هناك سور سمّاها الرّسول، وهناك سور تمّ تسميتها بعده.
ويعود ذلك إلى ثبوت نقل أسماء بعض السّور عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. لكن هناك اختلاف فيما يتعلّق بباقي السّور. فالسّيوطي قال أنّه قد ثبتت أسماء السّور بالتّوقيف من الأحاديث والآثار. وهناك من يرى أنّ هناك سورا لم يثبت لها اسم عن الرّسول، فتُحتمل أن تكون اجتهادية.
لكن بشكل عام، تميل الكفّة إلى أنّها توقيفية عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
ترتيب سور القرآن
يتمّ تقسيم سور القرآن الكريم إلى أربعة أقسام:
- الطّوال: وهي سبع سور: البقرة وآل عمران والنّساء والمائدة والأنعام والأعراف والسّابعة إمّا الأنفال مع التّوبة لعدم الفصل بينهما بالبسلمة، أو قيل أنّها سورة يونس.
- المئون: وتأتي بعد الطّوال. سمّيت بالمئين لأنّ آياتها تزيد عن مئة.
- المثاني: وتأتي بعد المئين. وهي السّور الّتي تبلغ آياتها قريبا من المئة.
- المفصل: وهي ما يأتي بعد المثاني، وهي قصار السّور. سمّيت بالمفصل لكثرة الفواصل بين السّور بالبسملة.
قد ترغب بقراءة: التّعريف بكتاب “هكذا ظهر جيل صلاح الدّين وهكذا عادت القدس” لـ ماجد الكيلاني
مصادر تسمية سور القرآن وترتيبها
جلال الدّين السّيوطي، أسرار ترتيب القرآن، دراسة وتحقيق: عبد القادر أحمد عطا ومرزوق علي إبراهيم، دار الفضيلة، القاهرة.
