لقاح فيروس كورونا مؤامرة

لنناقش فكرة كون لقاح فيروس كورونا مؤامرة، وأفكار أخرى تتعلق بنظرية المؤامرة

نسمع كثيرا مؤخّرا كيف بدأ الناس بإطلاق المخاوف والإشاعات بشأن كون لقاح فيروس كورونا مؤامرة. وهو لقاح تتواجد منه عدّة نسخ من عدّة شركات استطاعت اكتشافه. وبين حقيقة تلك المخاوف وبين المبالغة فيها، يظلّ الجميع خائفا متوجّسا من أخذ اللقاح.

لكن هناك قسم ذهب إلى ما هو أبعد من مجرّد الخوف من اللقاح لأنّه جديد وقد تكون له آثار جانبية بعيدة المدى. إذ يروّج هذا القسم لكون فيروس كورونا ولقاحه مجرّد مؤامرة. وكلّ يحلّل أسباب هذه المؤامرة ونتائجها حسب ما يحيط به.

تعالوا نناقش معا نظرية المؤامرة الّتي تطلّ علينا في كلّ شاردة وواردة. وإن كانت هذه النظرية تصلح لفيروس كورونا ولقاحه أم لا. وإن كانت تصلح لكلّ مشكلة أصلا. وكيف يمكننا أن نفكّر بعين العقل دون أن نهمل التعقّل والحذر في هذا العالم المتسارع في كلّ جزء منه.

احصل على ثانوية الأشباح

قد ترغب بقراءة: أضرار مستحضرات التجميل… لنتعرّف معا على حقيقة الموضوع

هل لقاح فيروس كورونا مؤامرة؟ بل هل كان فيروس كورونا مؤامرة؟

منذ بداية جائحة كورونا كوفيد 19، بدأت الإشاعات تنتشر هنا وهناك. فبين من سمّاها حربا بيولوجية، وبين من اقتطع جزءا من كلام بيل غيتس ليظهر وكأنّه كان قد تنبّأ بها أو ربّما خطّط لها، وغيرها الكثير من الإشاعات.

شخصيا أرى جائحة كوفيد 19 أبعد ما تكون عن كونها حربا أو مؤامرة أو أيّا من تلك الأفكار. فأوّلا قد انتشرت عبر التاريخ فيروسات كهذه وقتلت الملايين من الناس. فما يسمّى بالإنفلونزا الإسبانية هي الأقرب ربّما لما يحدث معنا اليوم. وقد استمرّت تلك الجائحة حوالي العامين، ثمّ اختفت بعد أن حصدت 50 مليون شخص وربّما أكثر. ولم يفد مع تلك الكارثة سوى الحجر والتباعد وكلّ ما نحاول تطبيقه اليوم مع جائحة كورونا.

وقد انتشرت مؤخّرا فيروسات أكثر فتاكة، منها إيبولا الّذي رغم وجود لقاح له، لازال ينتشر في المناطق الأفريقية بين الحين والآخر. ومنها سارس وميرس الّلذان كانا أشدّ خطورة أيضا ولكنّ قوّة انتشارهما لم تكن بقوّة فيروس كوفيد 19، ولهذا انحصرا ببعض الدول فقط. وقد كتبت من قبل مقالا فيه مقارنة شاملة لمختلف هذه الفيروسات لمن أراد أن يطّلع على المزيد.

وبعيدا عن الأمثلة القريبة،

لطالما كان الطاعون جزءا من سنّة الحياة. فقد انتشر بعد عهد الرسول صلى الله وسلم ما سمّي بطاعون عمواس، وحصد أرواح الكثير من خيرة الصحابة. وقد أمر عمرو بن العاص، حينما لاحظ كيفية عمله، بالتفرّق إلى الجبال لكيلا يجد طريقا للانتشار. ونحن جميعا نعرف حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم حينما قال “الطاعون آية الرجز ابتلى الله عز وجل به أناساً من عباده، فإذا سمعتم به فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه“. وهو دليل على وجوب أن يحتاط الإنسان في أوقات حدوث الطاعون.

ما أريد استنتاجه من كلّ هذا هو أنّ إصباغ نظرية المؤامرة على كلّ شيء في الحياة هو سخافة كبيرة للعقل والعلم. فما لم يستطع الكثيرون تصديقه هو حدث عادي في الحياة حصل على مرّ التاريخ، وسيحصل ثانية إلى أن تنتهي هذه الحياة. فلو تعقّل النّاس قليلا وفكّروا بعقولهم لما انتشر فيروس كورونا بهذا الاتساع.

من أين جاء الخوف من كون لقاح فيروس كورونا مؤامرة؟

أوّلا علينا أن ننتبه إلى أنّ وسم فيروس كورونا ولقاح فيروس كورونا بالمؤامرة لم يحصل لدى الدول العربية فقط. فحتّى الأمريكيون بعتبرون الجائحة مؤامرة ولقاحها مؤامرة. وأنا أذكر هذا لأنّ العرب يقولون بأنّ المؤامرات دوما تأتي من الولايات المتحدة، لكنّ الحقيقة أنّ شعبها نفسه يخوض معكم نفس مغامرة روح المؤامرة.

شرحت أعلاه لماذا يجب اعتبار الجائحة أمرا طبيعيا. أمّا فيما يتعلّق بلقاح فيروس كورونا وسبب خروجه في هذا الوقت وفي نفس الوقت من عدّة شركات. فالأمر بسيط للغاية. فاللّقاح بشكل عام يمرّ بثلاث مراحل، ويستغرق حوالي العام الكامل لتكتمل تلك المراحل. ولهذا السبب كان خروج اللقاح في هذا الوقت من قبل المختبرات الّتي بدأت العمل عليه منذ وقت مبكّر من ظهور الفيروس. وقد اعتمدت الكثير من المختبرات على دراسات كانت تجريها بالفعل على الفيروسات التاجية مثل سارس وميرس. فجميعها بما في ذلك كوفيد 19 تنتمي لنفس المجموعة. وقد كتبت من قبل مقالا مفصّلا عن مراحل تطوير اللقاحات لمن أراد الاطّلاع أكثر.

فالخوف من لقاح كورونا قد يكون مفهوما حينما يتعلّق الأمر بمدى أمنه.

إذ رغم اكتمال فترة المرحلة الثالثة والأخيرة من تطوير اللقاح بنجاح وفاعلية كبيرة. إلّا أنّه يصعب التكهّن بالتأثيرات المحتملة على المدى البعيد أو على فئات معيّنة كالنساء الحوامل مثلا. لكن علينا ألّا ننسى بأنّ اللقاح يخضع بالفعل لقوانين صارمة، وبأنّ المرحلة الأخيرة من التجارب قد طالت عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية ومن مختلف المناطق. وفعاليته كانت بناءً على كيفية عمله على مختلف المتطوّعين.

والخوف من لقاح فيروس كورونا ليس جديدا. إذ سمعنا مؤخّرا بكثير من المخاوف المماثلة للقاحات الانفلونزا الموسمية أو للقاحات الأطفال في المدارس. لكنّني شخصيا أرى بأنّها مخاوف في غير محلّها. فلو كان الأمر يعتمد على لقاحات تنتج في الدول العربية لخفنا منها. لكنّ اللقاحات الّتي تأتي من مخابر عالمية تعتمد على العلم. ويتمثّل أمنها في مدى الحرّية الّتي تمنحها تلك الدول لمواطنيها وللصحافة. فلو كانت هناك خطط لقتل البشر أو شيء من هذا القبيل عن طريق اللقاحات، لكان خبر كهذا قد تسرّب إلى الصحافة. لذلك تظلّ مثل هذه المخاوف شائعات لا أساس لها.

متى يمكننا التفريق بين ما هو مؤامرة وما هو أمر طبيعي؟

هناك نظرية مؤامرة منتشرة كثيرا، وهي بأنّ اليهود يسيّرون العالم. وأنا شخصيا أميل إلى هذه الفكرة بشكل كبير. وسأشرح ما اعتمدت عليه.

أوّلا من يدير العالم فعليا هم اليهود، من خلال أموالهم وسيطرتهم على صناعة القرار في العالم. وقد رأينا كيف اعتمد ترامب، رئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته، على الإنجيليين ليفوز بالانتخابات. ولمن يريد الاطّلاع أكثر على من هم الإنجيليون، فيمكن التعرّف عليهم وعلى الفرق بينهم وبين المسيحيين والصهاينة من خلال مقالي من هنا.

وكان بوش قبله قد قال بأنّ الربّ قد أمره بغزو العراق.

ونحن نرى بأعيننا كيف تحصل إسرائيل على دعم صنّاع القرار رغم محاولة بعضهم إيفاقها عن حدّها وإدانة جرائمها. وذلك لأنّ المال في يد اليهود، وبهذا تصبح صناعة القرار في أيديهم. فإن لم يقم الرئيس الأمريكي بإعلان دعمه لإسرائيل، فسيخسر تمويل حملته من قبل الأثرياء اليهود ببساطة. وقد كان أوباما قد شعر بضغط اليهود الكبير عليه، ما جعله يحاول في أواخر عهده بأن يقف ضدّ إسرائيل، حيث رفض رفع الفيتو ضدّ قرار مجلس الأمن إدانتها. وقد كانت تلك ضربة قاسية مخيفة منه لإسرائيل.

وبالحديث عن أوباما، فقد تحدّث أيضا في كتابه الجديد “الأرض الموعودة” عن كيف كان يرزح تحت ضغط هائل من اليهود ليقف مع إسرائيل ويلبّي لها ما تريد. وسأقوم قريبا بقراءة هذا الكتاب وكتابة مراجعة عنه. وهو كتاب شيّق بالفعل يحكي الكثير عمّا رآه أوباما كرئيس، ويسرد لنا الكثير من التفاصيل المهمّة لفهم كيف تتمّ صناعة القرارات.

وقد كنت قرأت أيضا من قبل كتاب الوحي ونقيضه للدكتور بهاء الأمير، حيث شرح فيه كيف يمكننا بشكل كبير تصديق ما يسمّى ببروتوكولات حكماء صهيون الّتي تشرح كيف يسيطر اليهود على العالم. ويمكن قراءة مراجعتي الشيّقة عن هذا الكتاب من هنا.

إضافة لذلك، لدينا جون بركنز، القاتل الاقتصادي صاحب كتاب اعترافات قاتل اقتصادي. ويمكن الاطّلاع على مراجعتي لهذا الكتاب من هنا. فقد شرح بركنز بشكل جيّد بأنّ العدوّ ليس دولة معيّنة، والأمر ليس دولة ضدّ دولة. بل العدوّ هو امبراطورية تسعى لتسيير العالم حسب أجندة واضحة المعالم. ورغم أنّ بركنز لم يتطرّق لكون العدوّ هو اليهود. إلّا أنّ الأمر واضح جدّا لو فكّرنا فيه قليلا. وأقوم حاليا بقراءة كتاب جون بركنز الّذي أصدره كمزيد من الشرح لكتابه اعترافات قاتل اقتصادي. وسأقوم بكتابة مراجعة عنه حينما أنتهي من قراءته.

الخلاصة

لا أرى بأنّه من الحكمة أن نستخدم نظرية المؤامرة في كلّ ما يحيط بنا. فمرورنا بجائحة كورونا هو أمر غريب ولا يستطيع البعض تصديق توقّف العالم كلّه بسببها لأنّنا نمرّ بحالة لم يسبق لنا المرور بها من قبل. لكنّ مثل هذه الأمور تحصل في الحياة وستظلّ تحصل فيها إلى أن تقوم القيامة. فعلينا هنا النظر إلى الأمور من زاوية مختلفة بدل محاولة تكذيب كلّ شيء فقط لأنّه أمر مختلف.

أمّا حينما يتعلّق الأمر بنظرية المؤامرة فعليكم النظر هناك، في القدس، فهناك تكمن كلّ محاور نظرية المؤامرة الحقيقية. فهدف اليهود هو إقامة هيكلهم بعد هدم المسجد الأقصى. ولأجل هذا الهدف هم يعملون. ولأجل هذا أيضا نرى يهودا ممّن يحاربون دولة إسرائيل. إذ يرى أولئك اليهود بأنّهم قوم معاقبون، ولا يحقّ لهم تحقيق الهيكل بتلك الطريقة الّتي تعتمدها إسرائيل.

لقد ذكرت معلومات كثيرة في هذا المقال هي نتاج الكثير من القراءة والنّقاش، فأرجو أن تفيدكم في تقييم ما نمرّ به بشكل أفضل.

قد ترغب بقراءة: مقارنة بين فيروس كورونا كوفيد 19 وفيروسات سارس و ميرس و إيبولا و إنفلونزا الخنازير



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا