مسلمو الإيغور

اغتصاب النساء آخر ما تسرّب ممّا يتعرّض له مسلمو الإيغور… ألم يحن الوقت لمقاطعة الصين؟

ما يتعرّض له مسلمو الإيغور على يد السلطات الصّينية قد فاق كلّ الحدود. وقد كنت تحدّثت من قبل في مقالي السابق عن قصّة الإيغور عن سبب ما تتعرّض له هذه الأقلّية المسلمة في الصّين. إذ يعيش الإيغور في إقليم يسمّى شينجيانغ، وهو ما كان يُعرف باسم تركستان الشرقية. وقد قامت الصين باحتلال هذا الإقليم وضمّه لها. فالإيغور ليسوا صينيين، بل هم أتراك كانوا يعيشون في منغوليا قديما قبل انتقالهم إلى تركستان الشرقية واستقرارهم فيها وإسلامهم هناك.

وما تخشاه الصين من الإيغور هو خروج تيّار انفصالي يسعى إلى الانفصال عن الصين، وبذلك ستفقد الصين إقليما مليئا بالثروات، ولهذا لا ترغب الصين بالتفريط فيه. ومن جهة أخرى، تخشى الصين من الإسلام، فصعود تيّار انفصالي إسلامي قد يهدّد الصّين نفسها. ومع صعود الرّئيس الصّيني الحالي إلى الحكم، أصبحت القيود على الإيغور أسوأ ممّا كانت. وقد بدأت في عهده معسكرات الاعتقال الّتي يرى فيها شعب الإيغور أسوأ أنواع التعذيب وغسل الدماغ، وذلك لتجريدهم من هويّتهم ومن إسلامهم.

إذن لماذا أكتب هذا المقال الجديد عن مسلمي الإيغور؟ تكمن الإجابة في الوثائق المسرّبة مؤخّرا والّتي تحكي عن نوع أسوأ من التعذيب تتعرّض له نساء الإيغور، وهو الاغتصاب.

إذن تابعوا معي هذا المقال للتعرّف أكثر على التفاصيل.

احصل على ثانوية الأشباح

مسلمو الإيغور وآخر التسريبات… اغتصاب ممنهج لنساء الإيغور

طرحت شبكة BBC تقريرا قبل 3 أيّام تحدّثت فيه عن شهادات لنساء خرجن من معتقلات الإيغور، ولعاملات سابقات هناك وحرّاس سابقين أيضا. وقد ضمّت الشّهادات لأوّل مرّة تقارير بشأن عمليات اغتصاب تتعرّض لها الإيغوريات في المعتقلات.

تُعتبر هذه أوّل مرّة يتمّ فيها الإبلاغ عن الاغتصاب لأنّه لم تتجرّأ أيّ امرأة سابقا على التحدّث عن الأمر علنا، وذلك حسب إحدى الشاهدات. فقد شرحت امرأة من الإيغور كلّ ما تعانيه النساء في المعتقلات من اغتصاب يومي. وقد تمّ الإفراج عن هذه الشاهدة في 2018. حيث عادت لكازاخستان أين كانت تعيش سابقا، ثمّ انتقلت إلى الولايات المتحدة أين استطاعت التحدّث عن الأمر. وذلك لخوفها من أن تقوم كازاخستان بإعادتها للصّين إن هي تحدّثت عمّا عانته في المعتقل.

وقد عمل محقّقو BBC على التحقّق ممّا قالته الشاهدة، وذلك عن طريق طرح أسئلة عليها عن المعتقلات وما يتعرّض له المعتقلون هناك، وقد طابقت أوصافها ما تمّ تسريبه سابقا عن مثل هذه المعتقلات.

ولم تكن هذه المرأة هي الشاهدة الوحيدة، بل استطاع فريق التحقيق الوصول إلى عدّة نساء، منهنّ عاملات في المعتقل، ومدرّسات هناك أيضا. وقد بلّغن جميعا عن عمليات الاغتصاب الّتي تتعرّض لها النساء هناك.

وطبعا هذا عدا عن عمليات التعقيم القسري الّذي تتعرّض له نساء الإيغور. والحقن الّتي يتمّ حقنهنّ بها كلّ أسبوعين، والحبوب الّتي يتناولنها رغما عنهنّ.

التقرير مرعب بكلّ ما تحمله الكلمة. ولا يمكن أن يتصوّر إنسان بأنّ بشرا يتعرّضون لكلّ هذه القسوة فقط لأنّهم أقلّية مسلمة تخشى السلطات من هويّتها وديانتها. وكلّ هذه الاعتداءات لا تدلّ إلّا على مدى وحشية الصّينيين ومدى خوفهم من الدّيانات وهم من يعيشون كالحيوانات دون أيّ إرشاد ديني يقود حياتهم.

قد ترغب بقراءة: قصة الإيغور… المعاناة الصّامتة الّتي استمرّت لسنوات ولازالت

لماذا لا يتّخذ المسلمون موقفا إزاء ما يتعرّض له مسلمو الإيغور؟

لازلت أتذكّر بأنّه قبل بداية جائحة كورونا الّتي تسبّبت فيها الصّين، كانت قد بدأت بالفعل حملات لمقاطعة الصّين بسبب ما تفعله بمسلمي الإيغور. لكنّ جائحة كورونا جعلت الجميع ينسى ذلك. وربّما قد يشكّ المرء فعلا إن كانت الصّين قد افتعلت الفيروس لتغطّي على أفعالها بالإيغور. إذ أتذكّر كيف كانت صفحة إحدى القنوات الصّينية تعلّق على الصّفحات العربية في فيسبوك وتخبرهم بأنّ الصّين تعامل المسلمين بعدل وبأنّ التقارير كاذبة. وهو يدلّ على مدى خوف الصّين من تعرّضها للمقاطعة.

وعلينا فعلا ألّا نصغّر من عمليات المقاطعة، فقد رأينا مؤخّرا كيف شعرت فرنسا بالخوف وبدأت بالتملّق إزاء حملات المقاطعة. ولهذا يستطيع المسلمون الضّغط على الصين بشكل كبير إن هم قرّروا ذلك، وذلك من خلال مقاطعة منتجاتها. وأنا أعلم بأنّ الأمر ليس سهلا، ففي بلدي، تُعتبر الصّين أهمّ مصدر لمختلف المنتجات. لكنّ استبدال هذه المنتجات بمنتجات أخرى من بلد آخر كتركيا مثلا لن يكون بالأمر الصّعب. وعلى أيّ حال، جميعنا نعلم بأنّ منتجات الصّين ما هي إلّا خردة تستوردها حكوماتنا لأنّ أسعارها رخيصة.

وبما أنّ الحكومات العربية كالميّت لا تتحرّك، فيمكن للشّعوب أن تنجح في جعل الصّين تتراجع عمّا تسلّطه من عذاب على شعب الإيغور. ومن العار فعلا أن نرى دولا غربية تدين ما تفعله الصّين وتسلّط عليها العقوبات، بينما تواصل دول المنطقة نومها وكأنّ الأمر لا يعنيها. فأقلّ ما يجب فعله هو المحاولة وإطلاق حملات المقاطعة.

خلاصة القول

عليّ أن أعترف بأنّني لا أكره شعبا بطريقة عنصرية كما أكره الصّين. فحياتهم وحدها الّتي لا يرشدها الدّين هي حياة مقرفة، وخير مثال على ذلك ما يأكلونه من حيوانات. وما زاد من عنصريتي نحو هذا الشعب هو ما يفعلونه بمسلمي الإيغور. وأنا أعلم بأنّ الحكومة هي المسؤولة عن ذلك، لكن لا يسعني سوى أن أدين الشّعب بأكمله.

أتمنّى فعلا أن تتحرّك شعوب المنطقة وأن نرى الصّين مضطربة بسبب حملات المقاطعة لمنتجاتها، فهذا أقصى ما نستطيع فعله كشعوب.

مصدر الصورة البارزة للمقال.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا