لقراءة الفصل الأوّل: ثانوية الأشباح – الفصل الأوّل: ثانويتي الجديدة
ركضتُ مسرعة للابتعاد عن ذاك المكان وأنا أشعر بأنّ جوفي سيتمزّق لشدّة خفقان قلبي.
حين وصلت إلى باب المطعم، فاجأتني فتاة ذات قامة ممشوقة لها شعر أصفر طويل وعينان بنيّتان بعبارة غريبة.
-“هل قابلتِ أوّل شبح؟”
كانت تلك حنين، واحدة من أعزّ صديقاتي. لن أقول بأنّها صديقتي الحميمة، لكنّها مقرّبة منّي. في تلك اللّحظة كان عليّ أن أتمالك نفسي وأعود لطبيعتي أمامها وأمام الفتيات.
-“أنا لا أؤمن بمثل هذه التفاهات”
قلتُها دون مبالاة وشعرتُ بعدها ببعض الهدوء، لكن هذا لا يعني بأنّني نسيتُ ما حصل.
صارت الثانوية الآن مصدر رعب حقيقي، على الأقلّ بالنّسبة لي!
حين عدتُ للمنزل، وجدتُ بأنّ شقيقتي وزوجها ينزلان ضيفين عندنا، مع بعض الإزعاج!
تكبرني أمل بتسع سنوات، وقد تزوّجت قبل عام من زميلها في العمل. لا أدري تماما إن كانا قد أحبّا بعضهما، لكنّهما يبدوان متلائمين بالنّسبة لي. أنا سعيدة لأجلها فهي دائما تقول بأنّ عامر يعاملها بلطف ويحيطها باهتمامه.
ما يزعجني أنا هو أنّ شقيقه حسام، وهو في العشرين من عمره، يرمقني دائما بنظرات مريبة. سبق أن أفصحت لي شقيقتي بأنّها تتمنّى أن يجمعني القدر معه.
ليس عدلا أن يقرّروا عنّي من سأختار، كما أنّني لا أفكّر بأمور كهذه حاليا. على أيّ حال، وجود حسام في منزلنا يفرض عليّ المكوث في غرفتي لكيلا أرتكب حماقة ما!
في اليوم التّالي كان هناك شخص آخر يرمقني بنظراته.
فتى ذو شعر أسود وعينان خضراوان. يغلب على ملابسه اللّون الأسود ويبدو ذا لياقة مميّزة.
أتساءل كيف لم أنتبه لوجوده في صفّنا بالأمس، وأتساءل من أين هو، إذ لم يسبق أن رأيته في بلدتنا.
والأهمّ من تساؤلاتي هذه هو سبب تحديقه بي مذ دخلنا، بنظراته الحادّة وابتسامته المستفزّة، وكأنّه يقول لمزاجي ‘تعكّر!’
رأيت بأنّه عليّ أن أتجاهله وحسب، فأنا لا أريد الدّخول في شجار، كما أنّ تفكيري الآن ينحصر في معرفة قصّة الغرفة المختفية!
انتظرتُ فترة الغداء لأستغلّ انشغال الجميع، وتسلّلتُ ثانية إلى ذاك الممرّ. فبعد أن بحثتُ على شبكة المعلومات عن الأشباح لم أجد إلّا الخزعبلات. وحين يئست، بحثتُ عن غرفة تختفي داخل جدار فوجدتُ نفسي وسط إعلانات لبيع الشقق. أحيانا تتصرّف شبكة المعلومات بغباء!
عليّ الآن أن أعود لمسرح الأحداث في محاولة لإيجاد الأجوبة.
سرتُ في الممرّ في جوّ صامت ومرعب. وثانية، رأيتُ الغرفة ذات الباب المفتوح جزئيا وذاك الظلّ يتسلّل مع أشعّة الشمس.
بدأت دقّات قلبي بالتّسارع وشعرتُ بأنّني غير قادرة على التنفّس، لكن كان عليّ أن أواصل.
أمسكتُ بمقبض الباب و حاولتُ دفعه لكنّني ثانية شعرتُ بأحدهم يقف خلفي، استدرتُ بسرعة لأجد الفتى ذو الملابس السّوداء ينظر إليّ بابتسامته الغريبة.
ربّما كان يجب أن أصرخ في تلك اللّحظة، لكنّني لم أفعل. حدّقتُ به وكلّي أمل بأن يقول شيئا يزيح الخوف عنّي، لكنّه اكتفى برفع يده ثمّ الإشارة إلى الغرفة خلفي، وحين استدرت، لم أجدها!
ثانية!
تسمّرتُ في مكاني، ولوهلة تمنّيتُ لو يكون حلما، لكن حتّى هذا لم يعد متاحا إذ قطع شرودي صوت الفتى حين قال “تستطيعين رؤيتي؟!”
هل هو بشري أم أنّه شبح؟؟ وكيف لي أن أتأكّد؟؟ لم أستطع الكلام ولوهلة شعرت بأنّ ساقاي ترتجفان بشدّة، أغمضتُ عينيّ ثمّ فتحتهما لأجده قد اختفى.
تلفتُّ حولي وطالعت الجدار خلفي، لكنّني لم أجد أيّ شيء. اختفى الشخص المجهول واختفت الغرفة، ولم يبق أمامي غير ذاك الممرّ الطّويل والمليئ بالألغاز الصّامتة.
عدتُ إلى زملائي وسألتُ عن الفتى، لكنّ أحدا لم يتعرّف عليه. الجميع قالوا بأنّهم لم يروا طالبا بمواصفات ذاك الفتى لا في صفّنا ولا في الصّفوف المجاورة.
وهذا يعني بأنّني تحدّثتُ مع شبح، أو ربّما يعني بأنّه عليّ زيارة طبيب!
لقراءة الفصل الثالث: ثانوية الأشباح – الفصل الثالث: المواجهة