لقراءة الفصل التاسع: الصيّادة لينا – الفصل التاسع: سأنتظرك
“هذا جنون”
قالتها المرأة وهي تجلس بجانب لينا بينما يجلس المرتزقة على الجانب الآخر، ويقابلهم كرسي وضعوا الرجل عليه وهو لا يزال فاقدا للوعي.
كانت المرأة تعرف بأنّه إن استيقظ وعرف بأنّها هي من عرّضته لهذا الإذلال، فسيقتلها حتما.
“اهدئي فقط”
قالتها لينا ثمّ سألتها “هل تريدين الطلاق ولا تستطيعين؟”
أجابت المرأة بالإيجاب ثمّ أضافت “أنا لا أريد أن أموت بسببه، لكنّ أكثر ما أخشاه هو أن يحصل مكروه لطفلتي”
تفاجأت لينا حينما عرفت بأنّ هناك طفلة أيضا، يبدو الوضع معقّدا.
“أين الطفلة؟”
“تركتها عند صديقة لي”
“مممم”
التفتت لينا إلى الشاب وقالت “لقد حاول هذا الرجل استأجارك لفعل شيء ما صحيح؟”
بدا الشاب متفاجئا جدّا من استنتاجها ثمّ تنهّد بعمق وقال “طلب منّي أن أقتلها إن نجحت في الطلاق منه لأنّه لا يرغب بتلويث يديه”
لم تبد المرأة أيّ ردّة فعل فقالت لينا “لكنّك لم توافق؟”
“أجل، أنا لا أقبل هذا النوع من العمل”
كانت لينا تعرف بأنّه شخص جيّد، رغم أنّه من المرتزقة.
“سأوقظ هذا الرجل لأسمع منه”
قالتها لينا ثمّ وقفت وقالت للمرأة “لم أعرف اسمك؟”
“ندى” أجابت المرأة بصوت خافت فقالت لينا “لا تخافي”
اتّجهت لينا نحو الرجل ووضعت يدها على جبينه مرّة أخرى، فاستيقظ، وقد كان أوّل ما رآه هو لير الواقف على الأريكة حيث كانت تجلس لينا.
تفاجأ الرجل وحاول الوقوف فقالت لينا “من الأفضل أن تظلّ في مكانك”
عادت لينا إلى مكانها وجلست لتترك له فرصة لاستيعاب ما يحصل، وبمجرّد أن رأى الرجل زوجته جالسة إلى جانب لينا قال باستغراب “أليس من المفترض أن تهتمّ الصيّادة بالظلام؟ لماذا أنت في منزلي؟”
“ندى لجأت إليّ لأنّ هناك حثالة ينغّص عليها عيشها”
قالتها لينا بعفوية لكنّها في الواقع بدأت تغضب، وعادة لا ينتهي غضب لينا على خير. كانت تتمنّى أن يحاول الرجل التظاهر بأنّه لم يقصد أن يصل الأمر إلى هذا الحد، لكن يبدو بأنّه لا يشعر بأيّ ذنب. يبدو أنّ جميع سكّان القرية مجانين.
بدت علامات الغضب بادية على وجه الرجل، لكنّه يعرف بأنّه لا يستطيع مواجهة الصيّادة فقال “هذا شيء بيني وبين زوجتي ولا يخصّك. أنت تقومين باستغلال قوّتك فقط لأنّك تملكين طاقة غريبة تجعلك أفضل من الآخرين”
ابتسمت لينا وقالت وهي تكتم غضبها بصعوبة “حينما يملك شخص ما القوّة ولا يقوم بمساعدة من يحتاج إليه، فما فائدة تلك القوّة إذن؟ أعلم أنّ حثالة مثلك لن يفهم ذلك”
في تلك اللّحظة شعر المرتزقة بالذنب يعتريه، هو أيضا كان يملك القوّة لفعل شيء ما لكنّه لم يفعل، بدا له وضع المرأة معقّدا وظنّ أنّه سيحلّ بطريقة ما دون الحاجة لتدخّل أيّ أحد.
التفتت لينا إلى ندى وقالت “هل لديك مكان تذهبين إليه بعد التخلّص من هذا الرجل؟”
يبدو بأنّها قرّرت تجاهل الرجل تماما. حاول الرجل الإجابة لكنّ صوت ندى الخافت أوقفه حينما أجابت قائلة “هذا المنزل هو منزلي، تركه لي والداي”
التفتت لينا ثانية إلى الرجل وقالت بنظرة اشمئزاز “أحقّا لا تخجل من نفسك؟”
كان الرجل سينفجر من الغيض، لكنّه كلّما يرى لير يشعر بالخوف ويكتم غيضه بصعوبة، ومع ذلك استطاع أن يجيب قائلا وهو ينظر إلى ندى “ستندمين على هذا”
ارتشعت ندى حينما التقت عيناها بعينيه فقالت لينا وهي تنظر إلى المرتزقة “كيف يتمّ الطلاق عادة في مثل هذه الحالة؟”
حاول الرجل أن يتكلّم لكنّ لينا وضعت هالة عليه باستخدام لير جعلت صوته غير مسموع، وما كان من الشاب سوى أن شرح للينا بأنّ القاضي يمكنه تطليقها من الرجل بسبب ما تعرّضت له من أذى، وقد تكون هناك حاجة لشهادة طبيب أيضا.
بعد أن فهمت لينا كلّ التفاصيل عن الأمر التفتت إلى ندى وقالت “هل يعرف زعيم القرية بحالتك أيضا؟”
أومأت ندى برأسها فقالت لينا “يا لها من فوضى”
صمتت لينا للحظة وهي تحدّق بالرجل الّذي بدا هادئا، من الواضح بأنّه يثق بنفوذه ونفوذ عائلته ويؤمن بأنّ كلّ شيء سيسير حسب رغبته بعد مغادرة الصيّادة. فكّرت لينا في استدعاء زعيم القرية، لكنّها تعرف بأنّه طالما لم يفعل شيئا فهو أيضا يخشى من الرجل وعائلته. ورغم أنّ لينا لن تدعه يفلت، إلّا أنّ الأهمّ الآن هو حلّ مشكلة ندى.
حوّلت لينا نظراتها إلى المرتزقة وقالت “ما اسمك؟”
“حسام”
“ولقبك؟”
تردّد الشاب قليلا ثمّ قال “البرق”
ابتسمت لينا وقالت “إذن أنت زعيم مرتزقة البرق المشهورة؟ أعتقد بأنّني محظوظة اليوم”
اكتفى الشاب بالصمت فقالت لينا “أريدك أن تحمي ندى إلى أن أجد حلّا مناسبا لهذا الوضع”
توقّع حسام بأنّ الصيّادة كانت ستطلب منه هذا الأمر حينما طلبت منه أن يعمل لصالحها، ولهذا لم يتفاجأ بل قال بهدوء “هناك طريقة أفضل لفعل هذا الأمر”
لاحظت لينا بأنّ حسام ينظر إلى ندى الّتي لم تكن تستطيع رفع نظرها فقالت “إذن سأسمع منك حينما ننتهي من هذا الموضوع”
خرج الثلاثة من المنزل بينما قرّرت لينا ترك الرجل هناك. كانت وجهة لينا هي زعيم القرية لتسريع عملية الطلاق ولمحاكمة الرجل بسبب ما فعله بزوجته. استغرق الأمر ثلاثة أيّام أمضتها لينا بجانب ندى إلى أن تمّت عملية الطلاق وتمّ سجن الرجل. ورغم أنّ عائلة الرجل حاولت الاعتراض، إلّا أنّ زعيم القرية هدّدهم بالسجن أو النفي إن حاولوا التعرّض لندى. الأمر الجيّد أيضا هو أنّ الجميع علم بأنّ الصيّادة استأجرت مرتزقة البرق لحماية ندى، ولذلك سيكون صعبا الاقتراب منها.
لم تكن لينا راضية تماما بالنتيجة، فلا أحد سيحبّ العيش تحت الحماية طوال الوقت. لكنّه حلّ مؤقّت إلى أن تصل إلى الأمير وتسلّم شكوى رسمية ضدّ زعيم القرية الّذي لا يستطيع حماية شعبه.
بعد أن انتهت المحاكمة وعادت لينا مع ندى إلى منزلها، استلقت بعفوية على الأريكة وتنهّدت قائلة “يا لها من فوضى”
جلست ندى على الجانب الآخر وقالت بابتسامة “سأظلّ ممتنّة لك طوال حياتي”
“فقط كوني حذرة من الوثوق بالنّاس بسهولة”
رغم أنّ لينا قد اختلطت مع الناس منذ ثلاث سنوات فقط، إلّا أنّها استطاعت أن تعرف بأنّ ذلك الرجل قمامة منذ أوّل نظرة. وحينما سألت ندى عن سبب زواجها به رغم شهرة عائلته العنيفة، ردّت ندى بأنّها أحبّته بسبب اهتمامه بها وكلامه اللّطيف معها.
سمعت الفتاتان أحدا يدقّ على الباب، وحينما فتحت ندى الباب سمعت لينا صوت طفلة صغيرة باكية. عانقت ندى طفلتها لوقت طويل وبكت الاثنتان معا.
مرّة أخرى، شعرت لينا بالفضول وهي تنظر إلى ندى وابنتها، لازالت لا تفهم معنى الفضول الذي يعتريها كلّما شاهدت أمّا تعانق طفلها، لكنّها تحبّ مراقبة هذا المنظر كلّما أتيحت لها الفرصة.
لكن ما لم تلاحظه ندى حينما كانت مشغولة بالطفلة هو وقوف حسام قريبا من الباب. ارتشعت ندى بشكل لا إرادي حينما رأته، رغم أنّها تعرف بأنّه مسؤول عن حمايتها، وقد عرفت في تلك اللّحظة إلى أيّ مدى أثّرت عليها السنوات الماضية لتجعلها ترتعش لمجرّد رؤية رجل.
دخلت الطفلة مع صديقة ندى إلى الداخل، بينما جلست ندى مع حسام والصيّادة. كانت لينا تعلم بأنّ حسام لديه شيء ما ليقوله بشأن حمايته لندى، ولهذا هو هنا.
حدّق حسام بندى ثمّ بلينا وقال “سيكون صعبا الاقتراب من ندى وهي تحت حمايتي، لكنّني مرتبط بأعمال أخرى ولا أستطيع ربط رجالي بهذا المكان حتّى لو كنت سأحصل على مبلغ كبير، لذلك لديّ اقتراح مختلف”
اكتفت لينا بالصمت فواصل حسام كلامه وهو ينظر إلى ندى “من الأفضل أن تنضمّ الفتاة إلى مجموعتي”
لقراءة الفصل الحادي عشر: الصيّادة لينا – الفصل الحادي عشر: تجربة جديدة