يمكنكم قراءة الفصل الأوّل من هنا: الصيادة لينا – الفصل الأوّل: الشرق
كان رامز شابا طويلا ذا لياقة بدنية عالية واضحة لكلّ من يراه، فهو أحد أمهر السيّافين في القارة. يملك رامز شعرا بنّيا وعينان خضراوتان.غالبا ما يرتدي بدلة رسمية ثمّ يتخلّى عن السترة ويكتفي بالقميص الذي يقوم بلفّ كمّيه قليلا. أمّا عن ربطة العنق فيتخلّى عنها حينما يكون الجوّ حارا، بينما يفضّل الربطة التي تشبه الوشاح حينما يكون الجو باردا. وفيما يخصّ الحذاء، فهو يرتدي حذاء عاليا معظم الوقت مثلما يفعل الفرسان، وذلك لأنّه قد يخرج على حصانه في أيّ لحظة ليتفقّد أمرا ما.
حينما التفتت لينا إلى رامز ابتسمت بعفوية وقالت “لو لم أظهر في حياتك لكنت ميّتا الآن بسبب العمل المتواصل”
حينما وصل رامز ووقف أمام لينا، انتقل لير ليقف على كتفها بينما داعبته بيديها. ابتسم رامز وقال ساخرا “حقا؟ كم شخصا يتعذّب بسبب مداعبتك لير بهذه الطريقة؟”
“ليس شأني” قالتها لينا بلا مبالاة ثمّ سمعت صوتا يقول “أهلا بعودتك”
كان ذلك ريان، أحد الأشخاص الذين يتعذّبون بسبب لينا ولير. ما قاله رامز مزاحا هو واقع للبعض، فصورة لينا وهي تداعب لير هي صورة ساحرة بشكل غامض تجعل الرجال يقعون في حبّها. لا يحدث هذا لكلّ من يراها، لكنّها غالبا الدافع وراء هوسهم بها، وريان أحدهم.
ريان هو قائد الفرسان في الشرق، وهو أحد الأشخاص الذين تستمتع لينا بالتدرّب معهم. لكنّه مرّ بموقف حرج حينما قرّر التقدّم بطلب الزواج منها ليلاقي رفضا فوريا قاطعا دون تفسيرات. في ذلك اليوم كلّ ما قالته لينا هو “نحن صديقان ويروقني الأمر كما هو، لا تفسده بشيء لا معنى له”
ريان ظنّ في تلك اللحظة بأنّ لينا لا تهتمّ بمشاعره، لكنّه فهم لاحقا عن طريق الصدفة بأنّها ببساطة لا تفهم ما هي تلك المشاعر. جعل ذلك الأملَ يعود إليه، ولهذا تمنّى لو أنّه لم يدرك تلك الحقيقة.
نظر رامز إلى ريان وهو يتحدّث مع لينا ودارت في نفسه فكرة واحدة ‘يبدو أنّه يتحسّن’
ريان بدأ يفقد الأمل، وهو أمر جيّد.
قصر رامز كان كبيرا ومليئا بالخدم. ورغم أنّ عائلة رامز لا تعيش معه، إلّا أنّه ليس وحيدا فيه. فإضافة إلى أحد مساعديه الّذي يمضي بعض الليالي في القصر، يؤوي القصر الفرسان ممّن تعيش عائلاتهم بعيدا عن العاصمة أو ممّن لا عائلات لهم، كما يؤوي كلّ من يتعرّض للهجوم من قبل الظلام ليتمّ علاجه بشكل ملائم. أحيانا يقوم رامز بإيواء أيّ شخص يحتاج إلى مكان يؤويه بسبب ظروف ما. حتّى الحيوانات لها مكان في حديقة القصر.
كثيرا ما يتلقّى رامز انتقادات لأنّ دخول أيّ شخص إلى القصر هو أمر خطير، لكنّه يجيب بأنّ الحراسة داخل القصر قويّة وليس هناك ما يخشى منه.
بعد أن استحمّت لينا وغيّرت ملابسها، خرجت من غرفتها متوجّهة نحو مكتب رامز. لينا تملك بالفعل غرفة مخصّصة لها في القصر، والجميع يعلم ذلك.
طرقت لينا الباب ودخلت المكتب لتجد رامز مع مساعده عماد. وبمجرّد أن رآها عماد اقترب منها قائلا “أهلا بعودتك”
شعرت لينا في تلك اللحظة ببعض الدفء يملأ صدرها. كان الشعور بهذا الدفء لأوّل مرة أمرا غريبا بالنسبة لها، لكنّها بدأت تعتاد عليه، فهو يعني بأنّها سعيدة. وسبب شعورها به هذه المرّة هو أنّها سمعت عبارة “أهلا بعودتك” عدّة مرّات جعلتها تشعر كما لو أنها تعود إلى منزلها.
“سعيدة لأنّك لم تمت بعد” قالتها لينا بسخرية فردّ عليها عماد ساخرا “لا تقلقي، طالما رامز هنا فلن يطول عمري كثيرا”
قطع رامز المحادثة قائلا وهو ينهض من كرسيه “حقا؟ من يجعل الآخر يعمل طوال اليوم وكلّ يوم؟”
التفت عماد إلى رامز وقال بنبرة غاضبة “ومن يحشر أنفه في كلّ شيء ويخلق المزيد من العمل؟”
ضحكت لينا ما أوقف جدالهما ثمّ قالت “على الأقلّ لازلتما تملكان الطاقة للجدال. بالمناسبة أين لؤي؟”
“لديه بعض العمل في المدينة” قال رامز بينما جلس على الأريكة المقابلة للمكتب وقال “على الأقلّ لؤي يعمل بصمت وليس مثلك”
اكتفى عماد بالتحديق برامز ثمّ تنهّد بعمق وانتقل ليجلس على مكتب رامز وقال “خذها واخرج من هنا”
انفجرت لينا ضاحكة بينما ابتسم رامز ووقف قائلا “عماد، أنت الأفضل” ثمّ خرج مباشرة قبل أن يتلقّى المزيد من النظرات الحادّة من عماد، وتبعته لينا وهي لا تستطيع التوقّف عن الابتسام.
عماد دائما هكذا، شخص نزق لا يستطيع رامز مخالفته، خاصة وأنّ رامز بالفعل عنيد وعناده يجلب المزيد من العمل. لكنّ عماد لا يستطيع إلّا أن يطلق سراحه حينما تأتي لينا لأنّه لا يستمتع بشيء كما يستمتع برفقتها.
‘أتساءل إن كان هذا التيس سيتزوّج يوما’ قالها عماد في نفسه وواصل العمل.
خرجت لينا مع رامز ينتظران حصانيها. وبينما كان الخادم يقود بجلبهما، سأل رامز قائلا “هل حدثت أيّ مشاكل أثناء رحلتك؟”
“لا شيء مطلقا، لكنّني لا أحبّ الجوّ في الغرب، شيء ما سيحدث هناك”
“ممم” صمت رامز لوهلة ثمّ أضاف “سأحاول معرفة إن كان سيّد الغرب يخطّط لأمر ما”
“لا تورّط نفسك” قالتها لينا لأنّها تعلم كم يمقت سيّد الغرب رامز وكم يتمنّى سقوطه بأيّ طريقة.
ابتسم رامز وقال ساخرا “لا تقلّلي من شأني”
“لستُ أفعل ذلك، لكنّني أعلم بأنّك هدف للكثير من الطامعين”
“إذا ما رأيك بأن نكون متعادلين”
لم تفهم لينا ما قصده رامز فاستطرد “لن أتدخّل، وستخبرينني إن حصل شيء ما قبل أن تتصرّفي”
بدت هذه الفكرة صعبة التحقيق بالنّسبة للينا، وهو تماما سبب ابتزاز رامز لها بهذه الطريقة. فلينا لا تستطيع التحكّم في نفسها وفي قوّتها إذا ما عبث أيّ شخص بالقوانين الّتي وضعتها فيما يخصّ الظلام، وقد كانت الحادثة الّتي حصلت في بداية ظهورها بمثابة تحذير صارم لعدم العبث مع الصيّادة. لكن رغم ذلك، يعلم كلّ من رامز ولينا بأنّ الطامعين بالقوّة لن يتوقّفوا رغم خوفهم من لينا، ولهذا لا أحد يعلم ما قد يحصل مستقبلا.
وضعت لينا يدها على ذقنها وكأنّما تفكّر في إجابة ثمّ قالت “من الصعب أن أعدك بهذا، لكنّك ستكون أوّل من يعلم حينما تسوء الأمور”
ابتسم رامز ابتسامة مرتبكة وكأنّما كان يتوقّع هذه الإجابة ثمّ قال “لم أتوقّع الكثير على أيّ حال”
ابتسمت لينا بدورها وقالت “وهذا ما يروقني فيك”
قطع الخادم المحادثة حينما جلب الحصانين، ولهذا اكتفى كلاهما بالصمت وركب كلّ منهما حصانه وانطلقا معا.
انتقل لقراءة الفصل الثالث: الصيّادة لينا – الفصل الثالث: أثق بك