سأطلعكم في مقالي هذا على كتاب مثير يستحقّ القراءة فعلا. وهو كتاب جون بركنز المعنون باللّغة الانجليزية بـ “Confessions of an Economic Hit man”. وقد تمّت ترجمة الكتاب للّغة العربية بعنوان “الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصاد”. كما يُطلق على الكتاب أيضا اسم اعترافات قاتل اقتصادي ، وذلك ترجمة للعنوان الأصلي للكتاب.
قد ترغب بقراءة: العمل الحر عبر الأنترنت… شرح مفصّل لخطوات دخوله
ما قصّة اعترافات قاتل اقتصادي ؟
يحكي جون بيركنز في كتابه عن كيفية استخدام الذّكاء والخبرة إضافة إلى القدرة الاقتصادية لتحقيق كلّ ما ترمي إليه الدّولة المتمكّنة من ذلك. فجون بيركنز هو خبير اقتصادي أمريكي يحكي كيف عمل لصالح الولايات المتّحدة gلحصول على النّفط وعلى مزايا أخرى من الدّول الضّعيفة الّتي تملك مثل هذه الموارد.
لاقى الكتاب رواجا كبيرا وحقّق مبيعات هائلة، كما تمّت ترجمته لعدّة لغات.
أمّا أبطال الكتاب فهم الولايات المتّحدة ودول مثل إيران والعراق والسّعودية وبنما والإكوادور. وقد فصّل بركنز في اعترافاته كيف كان يتمّ الدّفع بهذه الدّول إلى تنفيذ رغبة الولايات المتّحدة من خلال المال. إذ يتمّ ذلك من خلال قراصنة اقتصاد من أمثال جون بيركنز قادرين على اللّعب بالأوراق وإقناع الدّول بعقد الصّفقات لصالح بلده.
لكنّ المثير في الأمر هو ما قاله بيركنز عن كيفية سير العملية، فحينما لا ينجح rراصنة الاقتصاد في المهمّة، يتدخّل ما سمّاه في كتابه “فصيلة الثّعالب”، وهم ببساطة من يقومون باغتيال الشّخصيات ذات النّفوذ، وغالبا رؤساء دول، لإزاحتهم من الطّريق وتنفيذ الخطّة. وحينما لا تنجح هذه الطّريقة أيضا، فإنّه يتمّ خلق سبب لغزو البلدان، وهو تماما ما حدث في أفغانستان والعراق.
كيف يبدو الكتاب؟
حينما تبدأ بقراءة كتاب اعترافات قاتل اقتصادي فإنّك قد تشعر بالملل كما حصل معي. إذ بدأ الكاتب بسرد تفاصيل حياته لنفهم كيف وصل إلى المنصب الّذي وصل إليه. لكن إذا ما شعرت بالملل فلا تتعجّل ترك الكتاب، فالقادم سيجعلك تتحمّس وسيجعل جسدك يشعر بالقشعريرة لقراءة كلّ تلك التّفاصل كما لو أنّك تعيشها.
وعليّ هنا أن أنوّه إلى أنّني قرأت النّسخة العربية من الكتاب. وقد استطاع العاملون على التّرجمة جعلها نسخة مذهلة حقّا جعلتني لا أحاول الاتّجاه إلى النّسخة الانجليزية لقراءتها.
سرعان ما تتسارع الأحداث بعد المقدّمة ليقودنا بيركنز إلى كيفية بداية عمله كقرصان اقتصاد. فقد تمثّل عمله في أن ينجح الاستغلال الاقتصادي لتلك الدّول الّتي يزورها.
حكى لنا بيركنز في كتابه كيف استطاعت الولايات المتّحدة ضمان ولاء السّعودية بسهولة. وذلك بعد أن قامت الأخيرة بحظر البترول عن الغرب في الحادثة المشهورة سنة 1973. حيث أغرتها بالمال وبتغيير حياتها الصّحراوية رأسا على عقب، إن هي قبلت باتّفاق مع الولايات المتّحدة بأن تواصل تمديدها بالبترول مهما حصل، وبأسعار معقولة دوما. وبهذا حتّى وإن حاولت دول أخرى قطع البترول مرّة أخرى، فإنّها ستتراجع حينما تواصل السّعودية بيع البترول.
أمّا عن تفاصيل كيف نجح بيركنز مع السّعودية، فهي تفاصيل مثيرة توضّح كيف باع أمراء آل سعود كلّ شيء لأجل إرضاء رغباتهم ولأجل الاستمرار في الحكم.
تحدّث بيركنز أيضا عن إيران وكيف تمّ إسقاط الشاه لوقوفه في طريق الولايات المتّحدة. وكيف أنّ صعوبة الوصول إلى نفس النّتائج في العراق أدّى إلى غزوها لاحقا.
وضّح بيركنز أيضا كيف أنّ الولايات المتّحدة غضّت الطّرف عن تقديم السّعودية العون لأسامة بن لادن في أفغانستان، وذلك نكاية في الاتّحاد السّوفييتي. لكنّها جعلته لاحقا هدفها لمحاربة الإرهاب في العالم كما كانت تدّعي.
من أكثر ما أثار انتباهي في الكتاب هو تفصيل ما حصل مع بيركنز في أمريكا اللّاتينية. تلك الدّول المثيرة للإعجاب والّتي تمّ تدميرها من قبل الولايات المتّحدة. وقد فصّل لنا الكاتب عن قناة بنما وكيف حاولت الولايات المتّحدة شقّ طريقها في تلك البلاد، إلّا أنّ عمر توريخوس كان لهم بالمرصاد. ولهذا قامت الولايات المتّحدة باغتياله. هذا عدا عن بلدان أخرى مثل الإكوادور وما حصل معها من أحداث خاضها بيركنز.
الخلاصة
في النّهاية قدّم بيركنز استقالته من عمله ذاك بعد أن بدأ يشعر بوخز الضّمير كما قال في كتابه. فقد آلمه أنّه فعل كلّ ذلك وساهم في تدمير دول بأكملها. وكان كتابه هذا بمثابة تخفيف عمّا قام به كما يبدو.
ما سيفعله هذا الكتاب في قارئه هو دفعه إلى البحث والتعلّم أكثر عن حوادث تلك الحقبة، أي الثّمانينات والتّسعينات، لأنّها تحمل أحداثا مهمّة لا نعلم الكثير عنها. وقد أضاف بيركنز كتابا آخر أسماه “الاعترافات الجديدة لقاتل اقتصادي”، أراد أن يوضّح فيه المزيد من الأمور. مع العلم أنّ كتابه الأوّل قد نُشر عام 2004، بينما تمّ نشر الكتاب الجديد سنة 2016.
لم تتح لي فرصة قراءة كتابه الثّاني بعد. ويبدو أنّها فرصة الآن لأقرأه وأكتب مراجعه عنه في مقال قادم بإذن الله.
قد ترغب بقراءة: بطل بنما عمر توريخوس
المصادر