كتاب الدكتور بهاء الأمير بعنوان ” الوحي ونقيضه… بروتوكولات حكماء صهيون في القرآن” هو حتما كتاب مثير يشدّ انتباه قارئه من أوّل سطر فيه. وقد كنت قرأت هذا الكتاب منذ سنوات، ورغم أنّني أتذكّر كلّ ما جاء فيه لأستطيع كتابة مراجعة عنه في هذا المقال، إلّا أنّني عدتُ لقراءة المقدّمة فقط لأنعش ذاكرتي، وقد أعادت إليّ ذكريات روعة الإبحار في هذا الكتاب.
قد ترغب بقراءة: تجربتي مع إنشاء موقع على ووردبريس (1)
لماذا الوحي ونقيضه ؟
يتحدّث هذا الكتاب الضّخم، والّذي يتكوّن من 788 صفحة، عن بروتوكولات حكماء صهيون. وهي تلك البروتوكولات المنسوبة إلى اليهود والّتي تحكي عن كيفية سيطرتهم على سيرورة العالم لكي يصلوا إلى غاياتهم. ودائما ما تثور نقاشات حول هذه البروتوكولات، فمن يراها حقيقة تخبر الواقع، ومن يراها نظرية مؤامرة سخيفة. إضافة إلى ذلك، كان اليهود قد نفوا نسبتها إليهم ولازالوا يرفضونها.
الدكتور بهاء الأمير مؤلّف هذا الكتاب هو واحد ممّن يرون تلك البروتوكولات حقيقة، وربّما هم قلائل. وقد قام بدراستها بشكل مختلف، إذ قارنها بالقرآن وبحث عن معانيها في آياته. وقد كانت نتيجة ذلك بأن استنتج استنتاجا مثيرا وهو أنّ خطط اليهود تقوم ببساطة على نقض الوحي. فكلّ ما جاءت به الرّسالات السّماوية يصبّ في خانة الإصلاح في الأرض. بينما تقوم خطط البروتوكولات على التّخريب في الأرض.
ومن هنا كان اسم الكتاب، الوحي ونقيضه. وقد فصّل الكاتب في كتابه في كلّ خطّة وكلّ عبارة وجلب ما يفسّرها من القرآن، لتكون بذلك لوحة مكتملة تثبت كيف أنّ يهود الأمس هم يهود اليوم وهم يهود الغد، يمشون في خطّتهم قدما إلى أن يصلوا غايتهم.
الحكم على الكتاب؟
كما قلت من قبل، مسألة البروتوكولات هذه مسألة جدلية لها رأيان يناقض كلّ منها الآخر. وهذا الكتاب الّذي بين أيدينا هو رأي مؤيّد لصحّة ما في البروتوكولات ولصحة نسبتها لليهود. وبالتّالي صحّة فرضية تخطيط اليهود لكلّ ما يدور حولنا منذ عقود مضت.
والحقيقة أنّ الكتاب مقنع للغاية، فأنا شخصيا قد صدّقتُ ما فيه إلى حدّ بعيد ووثقت به، وذلك لسببين:
أوّلهما تعامل الكاتب مع البروتوكولات في ضوء القرآن، وهو ما جعلها مسألة أكثر وضوحا وجعل تفسير الكاتب لها أكثر منطقية يقوم على أسس متينة وليس على فرضيات فقط.
وثانيهما استعانة الكاتب بمقولات وخطب لصهاينة هم أعمدة الصّهيونية ومن مؤسّسيها، إذ تتشابه مقولاتهم مع ما جاء في تلك البروتوكولات.
ربّما مسألة تكوين رأي عن التّصديق بالبروتوكولات من الكفر بها هي مسألة عويضة تحتاج لكثير من البحث. لكن حتّى وإن كنت غير باحث عن إجابة لهذا فأنصحك بقراءة هذا الكتاب، لأنّه ممتع منذ بدايته إلى نهايته.
هناك مسألة أخرى مهمّة يجب أن أحذّرك منها، وتتعلّق بالدكتور عبد الوهاب المسيري. فإن كنت لم تسمع عنه من قبل فلربّما سيجعلك الكتاب تبتعد عن قراءة أيّ من كتبه. وإن كنت تتابعه فعلا وتقرأ كتبه فقد لا يعجبك انتقاد الكتاب له. ويكمن السّبب في أنّ عبد الوهاب المسيري يعتبر موسوعة فيما يخصّ اليهود، إذ قام بدراسة تاريخهم لسنوات وكتب عنهم الكثير، فهو مرجع في هذا الأمر. لكن، يرى بهاء الأمير أنّ المسيري قد أخطأ بطريقة تناوله للمسألة اليهودية، فهو درسها على أنّها تراكمات تاريخية أقرب للصّدفة، ولم يضع في حسابه أن يدرسها على أساس العقائد، فهؤلاء يهود يحتلّون فلسطين لسبب ديني، وليس استعمارا بغرض الحصول على الأرض أو الخيرات.
وطبعا هذا كلام الكاتب عن المسيري وليس كلامي، فأنا لم أطّلع بعد على أيّ من مؤلّفات المسيري لأكوّن رأيا عنه.
قد ترغب بقراءة: البروتستانتية والإنجيلية والمسيحية الصهيونية… نظرة لفهم معتقدات الدّول الكبرى
عليك قراءته بسبب عنوانه… الوحي ونقيضه
ربّما تبدو الأمور غامضة ومحيّرة، لكم رغم ذلك أنصح كثيرا بقراءة هذا الكتاب. وكلّ ما يجب فعله هو عدم التعصّب لأيّ فكرة ولا لأيّ شخص، بل محاولة الاستفادة قدر الإمكان.
فشرح الكاتب لكلّ تلك الأفكار الموجودة في البروتوكولات ومقارنتها بالقرآن هو عمل مذهل يستحقّ الإعجاب، كما سيجعل القارئ يتعلّم الكثير عن علاقة الحياة بالقرآن وكيف يوجّهها نحو الصّلاح.
إضافة لذلك، يعلّم الكتاب الكثير عن اليهود، عن الصّهاينة بشكل خاصّ وعن طريقة تفكيرهم وعن تعليمات مؤسّسي الصّهيونية. وذلك حتّى لا ننسى أبدا أنّ احتلال فلسطين ليس مبنيا على هوى ولا على الرّغبة في الحصول على الأرض. بل هو غاية دينية خطّط لها اليهود منذ أكثر من مئة عام، ولأجلها أسقطوا ذلك السدّ المنيع الّذي وقف في وجه مطامعهم قدر استطاعته، وهو السّلطان عبد الحميد الثّاني رحمه الله.
وإن كنت من محبّي السلطان عبد الحميد الثاني مثلي فسيروقك أن تعلم بأنّ أوّل ما ستراه من كتاب الوحي ونقيضه هو إهداء جميل من بهاء الأمير إلى السّلطان عبد الحميد الثاني، ذلك الرّجل الّذي عرف وحده ما لم تفطن له أمّة، والّذي كافح كفاحا مريرا مضى فيه وحيدا لم يتراجع ولم يرضخ لكلّ الضّغوطات والإغراءات، إلى أن وقف وحيدا في وجه الجهل، وها هي الأمّة تعاني من بعده بعد أن تقاسمتها الأيادي الغربية وشتّتتها وغرّبتها وجعلتها تعيش الحيرة والضّياع.. منذ مئة عام.
بوركتم.. شوقتني لاطالعه
كتاب ممتع للغاية، أنصحك به.
إيجاز رائع
شكرا جزيلا.
بدأت في قراءة بعض الردود للكاتب بهاء الأمير فشدني أسلوبه .. فبدأت بقراءة كتبه و أول كتاب كان اول الاتين من الخلف .. رغم أنني من مناصري أفكار الكاتب قبل أن أقرأ ما فيه إلا أنّ المعلومات داخله قيّمة و وفيرة .. الآن أنا أقرأ كتاب الوحي و نقيضه و كما تفضلتِ هو كتاب مثير من أول صفحة .. ما زلت في اول فصل في الكتاب .. أتمنى أن اخرج منه بأفكار جديدة و مفيدة.
شكراُ لكِ .. و الشكر موصول للأخ الدكتور بهاء الأمير.