يمثّل تاريخ 06/17 أوّل ذكرى لوفاة الدّكتور محمّد مرسي… رئيس مصر الّذي عومل بوحشية في سجون السّيسي. ولأنّها ذكرى مؤلمة فأقلّ ما تستحقّ منّا أن نتذكّره ونعرّف عنه لمن لا يعرفه. فهذا المقال يقدّم نبذة عن محمد مرسي… وهي نبذة مختصرة تحكي عن أهمّ محطّات حياته ورؤيته لمصر وعن الظّلم الّذي تعرّض له.
قد ترغب بقراءة: الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. دليل حيّ على أهمّية الابتعاد عن تقديس الأشخاص
نبذة عن محمد مرسي… قبل تولّي رئاسة مصر
- ولد محمد مرسي سنة 1951 في محافظة الشرقية بالقاهرة.
- درس الهندسة وحصل على درجة الماجستير، ثمّ على منحة من جامعة أمريكية استطاع من خلالها الحصول على الماجستير والدّكتوراه.
- درّس في جامعات أمريكية ثمّ في مصر ودرّس في جامعة ليبية أيضا.
- انضمّ إلى جماعة الإخوان المسلمين سنة 1977، وأصبح عضوا في مكتب الإرشاد فيها.
- انتخب عضوا في البرلمان المصري سنة 2000 – 2005، كما تمّ اختياره كأفضل برلماني في العالم.
- تمّ اعتقاله ومحاكمته عدّة مرّات مع جماعة الإخوان، منها سجنه لمدّة 7 أشهر سنة 2006، وذلك على خلفية مشاركته في مظاهرات مؤيّدة لحركة القضاة المطالبة باستقلالية القضاء.
- تمّ وضعه بعدها تحت الإقامة الجبرية في منزله.
- اعتُقل وأُدخل السّجن خلال ثورة يناير 2011، وتمّ تحريره من قبل الأهالي يوم 30 يناير 2011.
- ساهم في تأسيس حزب الحرّية والعدالة، حيث كان المرشّح الثّاني للرّئاسة بعد خيرت الشّاطر.
نبذة عن محمد مرسي… خلال الرّئاسة
- كان له مشروع ضخم بشأن قناة السّويس، لم ترض عنه الإمارات لأنّه هدّد ميناء جبل علي أهمّ ميناء يدرّ عليها الكثير.
- بدأ مشروعه بتعمير سيناء، وفتح معبر رفح بين مصر وغزّة بشكل دائم، على عكس ما كان في عهد مبارك، وعلى عكس ما هو حاصل الآن. وقد استشعر الأمريكيون خطورة مرسي على إسرائيل، واستنكروا إدخال مرسي الأسلحة إلى سيناء دون طلب موافقتهم.
- كان له مشروع بشأن الاكتفاء الذّاتي من القمح.
- مشروعه في جعل مصر قوّة لها مركزها في المنطقة والعالم، والبداية كانت بالدّور الّذي لعبته مصر في وقف العدوان الاسرائيلي على غزّة سنة 2012.
ما أخذه عليه معارضوه
- لم يمض مرسي أكثر من عام في الحكم، وهي مدّة قصيرة لتثبت نجاحه أو فشله.
- قال معارضوه أنّه لم يف بوعوده بشأن إشراك مختلف التيّارات، بل استأثر الإخوان بالمناصب.
- أخذ عليه معارضوه أيضا منح نفسه صلاحيات واسعة من خلال مرسوم رئاسي يوسّع من سلطته، وذلك في نوفمبر 2012.
- رفض معارضوه إقرار الدّستور من قبل الجمعية التّأسيسية، رغم معارضة العلمانيين واللّيبراليين والكنيسة القبطية.
- قامت مظاهرات ضدّه يوم 2013/06/30 وهي ذكرى تولّيه الرّئاسة رسميا، ليقوم الجيش بعدها بإمهاله يومين لتنفيذ مطالب المحتجّين، ثمّ ليقوم بعدها بالانقلاب عليه وتعطيل العمل بالدّستور وسجنه.
جبهة الإنقاذ وحركة تمرد
- تأسّست جبهة الإنقاذ من عدّة تكتّلات معارضة لحكم مرسي، وذلك بعد الإعلان الدّستوري، حيث كان محمّد البرادعي منسّق الجبهة.
- أمّا حركة تمرّد فهي حركة شبابية بدأت بجمع التّوقيعات لسحب الثّقة من الرّئيس وعزله بحجّة أنّه لم يف بوعوده.
- تشير تقارير أنّ الحركة كانت مدعومة من قبل دول خليجية.
- حصلت الحركة على تأييد من جبهة الإنقاذ واستطاعت أن تدعو إلى مظاهرات ضخمة ضدّ محمد مرسي.
- حصلت انقسامات في صفوف كلّ من جبهة الإنقاذ وحركة تمرّد، وذلك على خلفية جرائم القتل الّتي ارتكبها نظام السّيسي خلال فضّ اعتصام رابعة.
- اختفت كلّ من جبهة الإنقاذ وحركة تمرّد من الظّهور على السّاحة بعد أن انتهى دورهما في إسقاط مرسي.
نبذة عن محمد مرسي… بعد الانقلاب
- اختفى محمد مرسي بمجرّد أن انقلب الجيش عليه.
- تمّ اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وتمّ سجن مرسي بتهم عدّة منها التّحريض على القتل في مظاهرات قصر الاتّحادية سنة 2012، والهروب من السّجن خلال ثورة يناير، والتّخابر مع قطر ومع حماس.
- حصل على حكم بالمؤبّد سنة 2017 في قضيّة التّخابر مع قطر.
- ظلّ مرسي مسجونا في ظروف لا إنسانية منفردا لا يرى أو يسمع أحدا، ومحروما من العناية الطبّية ومن الزّيارات (إلاّ ثلاث زيارات فقط)، وذلك لمدّة ستّ سنوات.
- كان يظهر خلال المحاكمات محجوبا تصعب رؤيته ومعزولا لا يُسمع صوته.
- توفّي على إثر أزمة قلبية كما قيل، وذلك بتاريخ 2019/06/17. بينما أدانت المنظّمات الحقوقية ظروف سجنه، وقالت بأنّها سبب وفاته. كما طلبت الأمم المتّحدة من مصر فتح تحقيق حول وفاته، وهو ما رفضته مصر.
قد ترغب بقراءة: ما الّذي يحرّك الغرب نحو الشّرق الأوسط… الدّين أم النّفط؟
خاتمة
وفاة الدّكتور محمّد مرسي وحدها تقول الكثير. فحبسه بتلك الطّريقة المهينة وتغييبه عن الظّهور للعالم ما كانت إلّا محاولة لمسح أيّ وجود له في الذّاكرة المصرية. وقد تبيّن خوف الانقلاب العسكري منه ومن الإخوان من خلال كلّ التّشويه الّذي طالهم وطال فترة حكم مرسي، ومن خلال عزله ودفنه في ظروف مشدّدة لم تسمح فيها بتشييعه كما ينبغي له. بينما على العكس من ذلك، حصل مبارك على نعي رسمي، فيا لها من مفارقة عجيبة!
في مقال لعبد التوّاب بركات، ذكر أنّ جون ماكين كان قد قال لسعد الكتاتني، رئيس حزب الحرّية والعدالة، بأنّ رصيد الإخوان لدى الولايات المتّحدة قد نفذ، وذلك بسبب قضايا غزّة وسيناء، ومحاولة الاكتفاء الذّاتي من الغذاء والدّواء. ومع أنّني لم أستطع إيجاد نصّ ما دار بين الرّجلين، إلّا أنّ توجّهات مرسي كان من الواضح جدّا أنّها لن تلقى أيّ ترحيب. فدعمه لغزّة يعني تهديدا لإسرائيل، وهو ما لن ترضاه الولايات المتّحدة. ومحاولته تغيير مصر وجعلها قوّة لها مركزها لن يرضي حكّام الإمارات. فقد كان يسير في طريق صعب من البداية.
ومع كلّ ذلك الدّعم الخارجي،
إضافة إلى تحرّكات الدّولة العميقة في مصر والّتي لم تكن لترضى بأن تسقط بسهولة، كان الشّعب آخر حلقة لتكتمل اللّعبة. فمن خلال كلام النّشطاء العاطفي، ومن خلال الإعلام الّذي واصل تشويه صورة حكم مرسي خلال فترة حكمه، كان لا بدّ للشّعب أن يرتكب الحماقة وهو يظنّ أنّه قادر على إسقاط مرسي تماما كما أسقط مبارك.
لو أنّ الشّعب كان واعيا أكثر، ولو أنّ الإخوان انتبهوا أكثر لما كان يحاك ضدّهم واستطاعوا كسب تأييد من يعارضهم بدل زيادة عداوتهم، لما كان حدث ما قد حدث. فقد كان لمرسي كلّ النّية الحسنة في تحسين مصر والمنطقة إلى الأفضل، وهو ما لم يكن متوفّرا في مبارك، ولا في السّيسي الّذي يسير بمصر إلى الهاوية.
كان محمّد مرسي يستحقّ أن يحصل على فرصته كما هو حاصل في أيّ بلد “ديمقراطي” كما يُقال. فمدّة أربع سنوات كانت لتكون كافية لتدلّ على قدرته على إدارة البلاد وقيادتها إلى الأفضل من عدمها. وحينها تتمّ إجراء انتخابات عادية يتمّ انتخاب رئيس مدني فيها، ولما كان الجيش قد وجد فرصة للسّيطرة على البلاد بهذا الشّكل. ولا ندري متى يمكن استرجاعها منه.
المصادر
مسيرة محمد مرسي… من عضوية الإخوان إلى الرئاسة ثم السجن
نبذة عن الرئيس المصري الراحل محمد مرسي
في ذكرى رحيله: لكنه الرئيس محمد مرسي