سأتحدّث في هذا الموضوع عن تراكمات ثقافية حاولت جاهدة عبر الزمن أن تجعل الدين يبرّرها، وأتحدّث هنا عن الولاية على المرأة في الإسلام. فممّا نعرفه ممّا حدث في السعودية لعقود، لم تكن المرأة قادرة على التحرّك خطوة واحدة دون إذن ذكر. سواء كان ذلك زوجها أو أبوها أو أخوها. بل يمكن أن تستأذن من أخيها الصغير!
وقد قيّدت مثل هذه القوانين حرّية المرأة بشكل كبير في السعودية، وجعلتها تعيش تحت رحمة الذكور. دون مراعاة كونها شخصا كاملا له الحقّ في تقرير مصيره وحياته بنفسه. ويتمّ إسقاط الولاية على المرأة بعد الانفتاح الّذي تعرفه السعودية تدريجيا. وهو انفتاح له أجندته طبعا، لكنّ إيجابياته أفضل من سلبياته حسب ما يبدو. فكفانا نفاقا وقولا بأنّ السعودية مصدر الدين الصحيح. فقد تمّ فضح مشايخهم من خلال تغيير أقوالهم بعد عملية الانفتاح لتتماشى مع ما يريده ملكهم.
وهناك أشكال لمثل هذه الولاية في بقية الدول العربية، رغم أنّه لا توجد قوانين تدعمها. إذ كثيرا ما تتعرّض الفتاة لتسلّط أخيها أو زوجها. لكن على الأٌقلّ يستطيع القانون في مثل هذه الدول أن ينصفها.
ولازالت تثير سخريتي ما لازال يتداوله البعض من فكرة أنّ الرجل أفضل من المرأة، ولهذا يجب أن يكون واليا عليها وعلى شؤونها. وربّما لا يضيفون إليها عبارة “وعليها هي أن تشبع رغباته فحسب، فتلك هي مهمّتها”.
سأناقش في هذا الموضوع سبب نفور الذكر الشرقي من موضوع حرّية المرأة، ولماذا جعل الدين تبريرا لثقافته وعصبيته، رغم أنّ الدين بريء من كلّ ذلك. بل الإسلام هو من حدّد بأنّ المرأة حرّة في أمورها مثلها مثل الرجل. حيث سأناقش فيه كيف لا يوجد أيّ دليل يبيح الولاية على المرأة في الإسلام، بل هو إجرام بحقّها لا أكثر.
قد ترغب بقراءة: أزمة الرجل الشرقي… إليكم مظاهر وأسباب هذه الأزمة الّتي لم تتغيّر منذ قرون
من أين جاءت فكرة الولاية على المرأة في الإسلام؟
هناك آيتان في القرآن يستخدمها بعض رجال الدين وبعض السفهاء كسيف على رقبة المرأة.
فالآية الأولى هي قوله تعالى ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”.
وقد تحدّث العلماء في هذه الآية كثيرا ولا داعي لأن أبحث لكم عن مصادر لها. فالقوامة المذكورة هنا تعني أن يقوم الرجل بأعباء المنزل بحكم بنيته الجسدية، وبحكم تلك البنية أيضا، فقد جعل الله نفقه الأسرة واجبة عليه. فهذا ما يعني أن يكون الرجل قواما على المرأة، أي أن يعتني بشؤونها وشؤون أسرته بشكل عام.
وللشعراوي تفسير جميل يمكنكم الاطّلاع عليه من هنا. وهو التفسير نفسه الّذي ذكرته أعلاه. وقد ذكر بأنّ قوله تعالي “بما فضل الله بعضهم على بعض” تعني بأنّه فضّل الرجل ليقوم بالأعمال الخارجية، وفضّل المرأة لتكون سكن زوجها فيجد عندها الدفء.
وسنجد طبعا تفسيرات لبعض رجال الدين ممّن قالوا بأنّ معناها أن يقيّم الرجل المرأة ويؤدّبها ويصلحها ويعجنها وما إلى ذلك. لكنّ الآية تفسّر نفسها ولا تحتاج لتفسير شاذ كذلك.
ولو أردنا أن نفهم معنى القوامة، فيمكننا استخدام مثال بسيط كهذا. فحينما تخرج المرأة مع زوجها لاستخراج أوراق ما مثلا، وتجد المكان ممتلئا بالناس فماذا يحصل؟ يتقدّم زوجها طبعا للقيام بالمهمّة بينما تظلّ هي بانتظاره دون أن تعرّض نفسها للدخول وسط الرجال. فمثل هذه الأمور هي ما تمثّل القوامة. وهي ليست حقّا للرجل. ولازال يدهشني من يعتبرها حقّا. بل هي واجب عليه، فلم يخلقه الله ببنية جسدية قويّة ليستخدمها للزينة.
أمّا الآية الثانية فهي قوله تعالى ” وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ”.
فنصف الآية الأولى لا يذكره أولئك المتشدّدون ممّن يعتقدون بأنّ الرجل أفضل من المرأة. لكنّهم يستخدمون النصف الثاني بكلّ فخر، إذ يفسّرون عبارة “للرجال عليهن درجة” بأنّ الرجل أفضل من المرأة، فيجب أن يكون واليا عليها. مع أنّني لا أفهم هنا من أين جاءت الولاية، فحتى تفسير هذه الآية بأنّ الرجل أفضل من المرأة، لا يعني مطلقا بأنّ له الحقّ في التحكّم بها.
وإليكم التفسير السّليم الّذي جاء في تفسير الطبري بأنّ ابن عبّاس قال عن آية “وللرجال عليهنّ درجة”: ما أحبّ أن أستنظف جميع حقّي عليها.
فقد فقه ابن عبّاس معنى الآية، وهو ما لم يذكره المتوهّمون بأنّ الرجل أفضل من المرأة.
وتابع الطبري في التفسير قائلا ” وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس، وهو أن الدرجة التي ذكر الله تعالى ذكره في هذا الموضع الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، وإغضاؤه لها عنه، وأداء كل الواجب لها عليه.
فالله تعالى يخبر الرجل هنا بأن “يكبّر قلبه” كما نقول بالدّارجة. إذ يخبره بأنّه قادر على التغاضي عن بعض الواجب الّذي لا تقوم به المرأة بأكمل وجه. بينما عليه أن يسعى في القيام بواجبه لها. ليحصل على تلك الدرجة الّتي يشجّعه الله الحصول عليها. وهو ليس إلّا منطلقا لطيفا بعيد كلّ البعد عمّا يخبرنا به رجال الدين ممّن تعفّنت في رؤوسهم فكرة الاستقواء على المرأة. ويمكننا أن نأخذ من هذا التفسير أقوى أساليب اللّطف والرومانسية مع الزوجة. فلا يوجد علاقة أقوى من التزام الرجل بحقّ زوجته وصفحه عنها والتغاضي عن أخطائها. لأنّ ذلك يولّد المزيد من الحبّ والمودة من جهة، ويجعل المرأة أكثر ارتياحا وأكثر سعيا للقيام بحقّ زوجها من جهة أخرى.
ويحيّرني حتما من يريد جعل العلاقة الزوجية أشبه بعبودية المرأة لزوجها، فأيّ مودّة قد تحصل في علاقة كهذه أساسها الحرب بين الزوجين؟
ولا بدّ من التنويه إلى أنّه هناك تفاسير غريبة لهذه الآية.
فلا أدري كيف يستخدم عقله من يجعل البنية الجسدية للرجل تفضيلا. إذ يقولون بأنّ الرجل أفضل من المرأة لأنّه أقوى منها جسديا. ويقولون أيضا بأنّه أقوى منها عقلا وحكمة. ومثل هذه الأمور مجرّد أوهام. فالعقل والحكمة لا يختصّان بجنس. وكثيرا ما تكون المرأة أكثر حكمة من زوجها. أمّا حين يتعلق الأمر بالبنية الجسدية، فهل يريدون دفع النساء مثلا إلى أن يحصلن على بنية جسدية مماثلة؟ فأنا لا أدري ما الغاية من محاولة التقليل من شأن المرأة بهذه الشكل. وللعلم، فحتّى البنية الجسدية تستطيع المرأة الوصول إليها إن تدرّبت.
لكنّ الله لم يخلق الرجل والمرأة مختلفين لتكون هناك حرب بينهم. بل منح كلّا منهما مهمّات يختصّ بها. ولو أردنا أن نجعلها حربا، لقلنا بأنّ المرأة تصنع الحياة. المرأة هي من تلد وهي من تتعرّض لأقوى ألم حسب العلم. أفلا يجعل منها ذلك كائنا يستحقّ التعظيم. فلولا المرأة لما استمرّت الحياة. وهذه الخاصّية المهمّة يمكن أن تجعلها أفضل من الرجل.
وربّما لهذا يجعل الله الرجل قائما بشؤون المرأة ويحثّه على إرضائها ومعاملتها بالحسنى. إذ لدى المرأة مهمّة رفيعة تتمثّل في الإنجاب. وقد رخّص الله لها في الواجبات الدينية، كالصلاة والصوم، بسبب المهمّة الّتي توكل إليها. ومنحها مع كلّ ذلك تلك العاطفة والرقّة لتكون أوّلا مصدر حنان لطفلها، ولتكون سكنا لزوجها.
ولهذا ليس أحد أفضل من أحد، فما يقوم به الرجل من واجبات خارجية، يقابله ما تختصّ به المرأة من الإنجاب. ولهذا وزّع الله المهام على الجنسين حسب ما يختصّان به من تكوين جسدي. ومع ذلك لا ننسى دوما بأنّ المرأة تستطيع فعل ما يحلو لها إن هي أرادت ذلك. فيمكنها القتال والمشاركة في الجهاد. ويمكنها العمل في أيّ مجال تريده. وتستطيع أن تبرع في كلّ ذلك.
فالرجل والمرأة متساويان عند الله. متساويان في الحقوق والواجبات والمكافآت والعقوبات. فلا يمكن أن نمسك خاصّية ولد بها الرجل أو ولدت بها المرأة لنجعل جنسا أفضل من جنس. بل هذه قمّة السخافة.
لا يوجد أيّ دليل على وجوب الولاية على المرأة في الإسلام
كانت تلك الآيات هي الآيات الّتي يستخدمها المتوهّمون في التقليل من شأن المرأة. ولم أجد في القرآن ما يدلّ بأنّ المرأة قاصر أو يجب أن يقودها أحد، بل وعند الحنابلة، يمكن أن تزوّج المرأة نفسها. ونحن نعلم بأنّ وليّ المرأة في الزواج ليس دليلا على عدم قدرتها. بل هو حفظ لكرامتها وحيائها. إذ يريد الله أن يحفظ المرأة من خلال تكليف شخص آخر يقوم بعقد الزواج والتحدّث بدلا عنها أمام زوجها المستقبلي. ونحن نعلم بأنّ الوليّ ليس من حقّه أن يجبرها على الزواج، ولا أن يمنعها منه. بل إذا ما تقدّم للمرأة من ترضاه ومنعها أبوها مثلا، فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي الّذي يقوم بتزويجها. وهو ما يسمّى عضل البنات، وهو فقه لا تعلمه الكثير من الفتيات ممّن يحرمن من الزواج دون سبب، فقط لأنّ الأب يريد ذلك.
وأريدكم الآن أن تتأمّلوا معي جمال هذه الآيات في القرآن الكريم.
وهي آيات تتحدّث عن الجنسين، الرجال والنساء، بمطلق المساواة والعدل الّذي تخبرنا أن نتوقّف للاستماع لتلك الآراء الشاذّة الناتجة عن عصبيات قبلية، وأن نعرف بأنّ الله عدل لا يمكن أن يظلم أحدا.
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ
وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
فكلّ هذه الآيات تبيّن المساواة في كلّ شيء، والأفضلية لمن يعمل خيرا، وليس لجنس على جنس
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ
الخلاصة
أرجو بأنّني وفّقت في موضوع بطلان الولاية على المرأة في الإسلام. وقد نسيت أن أخبركم بأنّه بعد رفع الولاية في السعودية، أفتى مشايخ سعوديون بأمر مختلف. حيث قال عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، عبد الله المنيع: ” المرأة إذا بلغت سن التكليف يجب أن تعطى ما يستحقه أخوها من الكفاءة المالية والأهلية والتصرف في مالها حسب ما تراه في صالحها، وليس عليها ولاية مطلقا”.
وهي مرّة أخرى يبدو فيها الدين مخيفا جدّا إن لم نفهمه بشكل جيّد. ويبدو مخيفا أيضا حينما يقع في اليد الخطأ. حيث يستطيع مشايخ استخراج ما يحلو لهم من الأحكام من خلال آية واحدة أو حديث واحد. ولهذا كنت قد تحدّثت من قبل بأنّ الشرع لا يؤخذ بآية أو حديث. بل يجب النظر إلى كلّ الآيات المتعلّقة به وبالحكمة منه، ثمّ استخراج الاحكام السّليمة. ولأنّ مجتمعاتنا تسير منذ قرون على درب العصبية الجاهلية، فهي تستخرج من الدين أحكاما تناسب أعرافها القبلية. وهو ما جعل المرأة تتلقّى الجزء الأكبر من الظلم بسبب تلك العصبيات.
وقد تحدّثت من قبل عن مواضيع مشابهة لموضوع الولاية على المرأة في الإسلام، منها ضرب المرأة في الإسلام، ونشوز الزوج، وتعدد الزوجات، وتغطية الوجه. وكلّ هذا في محاولة منّي لأبرّئ ديني من جهة ممّا يلصقه به المتشدّدون. ولأفهم وأشرح لمن يقرأ مقالاتي عن مثل هذه المواضيع المهمّة.
قد ترغب بقراءة: أزمة المرأة الشرقية… إليكم السبب الرئيسي للمجتمع الشرقي الذكوري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تفسير حضرتك للقوامة متعجّل و انتقائي. فليس حلّ درء مفاسد الذكورية الجاهلية الارتماء في أحضان النسوية المتفلتة. الله سبحانه و تعالى في آية القوامة جعل القوامة للرجل حصرا و دليل ذلك من اللغة. و هو إيراد حكمها في جملة اسمية تفيد بخصائصها التركيبية إطلاق الأحكام من عقال الزمان و جعلها أحكاما نهائية. ( راجعي في هذا كتاب الحجاج في القرآن للدكتور عبد الله صولة رحمه الله). أورد الله الحكم. ثم عللّ أسبابه. لماذا القوامة للرجل دون المرأة؟ جاء الجواب واضحا. بما فضّل… و بما أنفقوا… و حرف الباء في مستهل الجملة يفيد معنى السببية. و هذا يعني أن لقوامة الرجال على النساء سببين ( سبب وهبي – كما سماه الفقهاء – و هو ” أفضلية الرجل” التي تعنى في هذا السياق أنّه الأقدر نفسيا و بيولوجيا و ذهنيا على الاضطلاع بوظيفة القوامة ( و قد نبّه الله الرجال و النساء معا انه لا يجوز الاعتراض على ما فضّل به بعضنا على بعض. ” و لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض” ) و سبب كسبي ( الإنفاق). ثم أنّ العطف بالواو في هذه الآية دلّ على معنى الجمع و الإضافة ( للقوامة سبب 1 + سبب 2). ماذا عن بقية الآية؟ بقية الآية ميزت بين صنفين من النساء : الصالحات و اللاتي يخشى نشوزهنّ. و الجميل أن الآية الكريمة ربطت بين حسن قوامة الزوج ( لاحظي حضرتك أنّ تكليف القوامة جاء في صيغة مبالغة ( قوّامون) لا صيغة إسم فاعل ( قائمون) و هو ما يعني وجوب مبالغة الرجل في أداء واجبات القوامة من إنفاق و حماية و رعاية و غيرها….) و قنوت الزوجة لزوجها- بمعنى طاعتها له- و حفظها لغيبه ( حفظ عرضه و ماله و سره و أبنائه….). و هذا ما يعني نشوء علاقة سببية ( دلّت على ذلك أداة الاستئناف ” الفاء” ( فالصالحات…) التي أفادت معنى ربط السبب بالنتيجة. بين حسن قوامة الزوج و حسن تبعّل الزوجة و طاعتها لزوجها. و هو ما يجعل القوامة – و هذا التفسير الأكثر إنصافا – تكليفا و تشريفا معا ( فإذا أحسن الرجل القوامة كان حقا على زوجته أن تطيعه و تحسن التبعّل له). النوع الثاني من النساء ” من يخشي نشوزهن” ( و النشوز هو تنكب الزوجة عن أداء بعض حقوق زوجها عليها.) و قد ضبط القرآن للتعامل معهنّ منهجية دقيقة تتدرج من الوعظ إلى الهجر في المضجع إلى الضرب غير المبرح ( الذي يقصد به التقويم لا الإيذاء). فإذا عادت المرأة عن نشوزها – و علامة ذلك عودتها إلى طاعة زوجها – وجب حينذاك على الزوج أن يوقف إجراءات ” الردع و التأديب”. قال تعالى ” فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا”. و حذّر القرآن بلهجة شديدة الرجل من التمادي في غيّه و ظلمه. و ذكّره بأنّ الله أعلى و أقوى منه و هو اقدر على الاقتصاص منه في حال تمادى في بغيه. قال تعالى ” أن الله كان عليا كبيرا” ( العودة إلى الطاعة توجب إيقاف البغي و الظلم). هذا و الله أعلم. ( قد تكون لنا عودة لتفسير ” آية الدرجة” من منطلق فيلولوجي / لغوي). السلام عليكم.