أشهر 50 خرافة في علم النفس

قراءة في كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس

لقد بحثت عن كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس كثيرا حينما رأيت صفحة واحدة منه راقتني بشدّة. وقد عثرت على نسخته العربية وقرأتها، وذلك قبل عدّة سنوات. لازلت أذكر كم كانت قراءة هذا الكتاب ممتعة، وكم حمل من معلومات مفيدة في طيّاته. ولهذا قرّرت القيام بمراجعة عنه في هذا المقال.

ويمكنكم الاطلاع على مراجعاتي لكتب أخرى ممتعة من هنا.

احصل على ثانوية الأشباح

عمّا يتحدّث كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس؟

قام بكتابة هذ الكتاب 4 خبراء في علم النفس، وهم: سكوت ليلينفيلد، وستيفن جاي لين، وجون روشيو، وباري بايرستاين. وهدف المؤلّفين من هذا الكتاب هو هدم الأفكار الخاطئة الشائعة حول الإنسان. فتماما كما يوضّح عنوان الكتاب، الفكرة هي دحض أشهر 50 خرافة منتشرة عن الإنسان على أنّها حقائق.

اعتمد هذا الكتاب على الدراسات العلمية لدحض الخرافات. أي إنّ الهدف هو إقناع القارئ بأنّ الفكرة الّتي اعتقد بأنّها حقيقة عن الإنسان ما هي إلّا خرافة، وقد تمّ إثبات ذلك عن طريق العلم. وبهذا يستطيع المؤلّفون الوصول إلى الهدف المنشود وهو إسقاط تلك الخرافات.

يرى المؤلّفون بأنّ تطهير علم النفس من مثل هذه الخرافات هو أمر مهمّ لأنّها قد توقع الإنسان في الخطأ. فإذا ما اعتقد الإنسان فكرة ما وآمن بها، فإنّه سيطبّقها في حياته. وإذا ما اتّضح بأنّها مجرّد خرافة وليست حقيقة عن الإنسان فسيخسر مطبّقها الكثير في الحياة. وقد تناول المؤلّفون أشهر الخرافات الّتي نعرفها جميعا، وسأقدّم أمثلة لبعضها في الفقرة التالية.

راقني كثيرا هذا الكتاب وأقنعني في الكثير ممّا جاء فيه. وأنا واثقة بأنّ القارئ لن يصدّق بسهولة ما جاء في الكتاب. لأنّ هناك أمورا نعتبرها حقائق في الحياة، بينما يخبرك الكتاب بأنّها خرافات ويثبت لك ذلك علميا. ولهذا على القارئ أن يدخل مغامرة قراءة هذا الكتاب بعقل منفتح يحاول البحث عن الحقيقة فقط. لا بعقل متشبّث بمعارفه السابقة، فحينها لن تصمد أمام ما يخبرك به علم النّفس.

قد ترغب بقراءة: قراءة في كتاب “كفاحي” لأدولف هتلر

تقسيم كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس وبعض الأمثلة

يتكوّن الكتاب من حوالي 400 صفحة. وقد تمّ تقسيمه بشكل منظّم وجميل إلى 11 قسما هي: قدرة المخ، من المهد إلى اللحد، ذكرى ما مضى، تعلّم مهارات جديدة، تبدّل حالات الوعي، شيء في صدري، الكائن الاجتماعي، اعرف نفسك، حزين وغاضب ومزعج، اضطراب في المحكمة، مهارات وعقاقير.

ويبدو واضحا من هذا التقسيم ما هي أنواع الخرافات الّتي يتناولها هذا الكتاب. حيث يضمّ كلّ قسم عددا من الخرافات تقع في موضوع ذلك القسم. ويمضي الكتاب في سرد أصل كلّ خرافة وتاريخها إن توفّر، ثمّ الأبحاث والدراسات الّتي جمعها المؤلّفون لتدلّ على عدم صحّة تلك الخرافة. وينتهي القسم بمزيد من الخرافات، حيث يقدّم نظرة بسيطة عنها، ويترك خيار دراستها لمن يرغب بذلك.

يجب أن أنبّه أيضا بأنّ كتّاب هذا الكتاب هم من الولايات المتحدة، ولهذا لا تتوقّع خلفية ثقافية شبيهة بخلفية شخص من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن مع ذلك تتشابه الثقافتان في الإيمان بكثير من هذه الخرافات. ولهذا لن يكون هذا الاختلاف عائقا للاستمتاع بالكتاب.

من الأمثلة الّتي ذكرها الكتاب والّتي يتمّ تداولها بكثرة نجد:

بأنّ الإنسان لا يستخدم من دماغه سوى 10 بالمئة. وهو كلام خاطئ تماما وغير علمي. فالدماغ أصلا لا يستطيع العمل دون أن يشرك مختلف المناطق، حيث لكلّ منطقة عملا خاصّا بها. وإن تمّ فقدان ولو جزء صغير من الدماغ في حادث، أو توقّف عمل تلك المنطقة بسبب مرض ما، فسيفقد الإنسان مهارة من مهاراته. وربّما من شاهد عمليات الجراحة للدماغ يعرف جيّدا كيف يصعب على الجرّاحين إجراء جراحة دون الخوف من المساس بأيّ منطقة حسّاسة وإتلافها. ولهذا يتمّ استخدام تخدير موضعي والإبقاء على المريض واعيا.

من ضمن الأمثلة أيضا نجد فكرة بأنّ الأضداد تتجاذب، وهو ما نفته الدراسات. فالإنسان يتفاعل بشكل أفضل مع من يشاركه اهتماما أو أفكارا، بينما ينفر ممّن يخالفه في كلّ شيء.

وفكرة بأنّ المراهقة اضطراب نفسي. وبأنّ مرحلة المراهقة صعبة ودرامية وما إلى ذلك. وقد أثبت الكتاب بأنّها مجرّد خرافة عزّزتها بعض الكتب الخاطئة والأفلام الّتي ركّزت على ذلك الأمر. بينما في الحقيقة ليست إلّا مرحلة عمرية عادية.

هناك أيضا فكرة أنّ الإنسان يشعر بشيء ما في صدره فيعلم بأنّ شيئا ما قد حدث. وأنا شخصيا لم أقتنع بتحليل الكتاب لهذه الفكرة لأنّني عشت تجربة حقيقية لهذه الخرافة، لكن مع ذلك أحببت تجربة القراءة عنها.

والقول القائل بأنّ الأمان في الكثرة. بينما أظهرت الدراسات بأنّ الكثرة تكون أكثر خطرا من وجود شخص واحد حال الخطر. إذ في حال الكثرة، سينتظر كلّ شخص من الآخرين التصرّف.

من ضمن الخرافات الّتي تناولها الكتاب أيضا فكرة مهمّة جدّا وهي العين.

إذ يبدو بأنّها موجودة نوعا ما في ثقافتهم أيضا. وقد نفى الكتاب طبعا وجودها إذ لا يمكن أن تصدر العين أيّ طاقة سلبية خفيّة أو أيّ شيء من هذا القبيل لتسبّب الضرر للآخرين. وعزا هذه الخرافة لأفكار الناس الّتي تزامنت مع حدوث أشياء سيّئة.

وقد توقّفت عند هذه الفكرة طويلا. إذ يقول رسولنا بأنّ العين حقّ. لكن مع ذلك يجب أن يكون هناك ضابط لهذه العين. فلا يمكن أن ننسب كلّ ما يحدث لنا للعين. ولم نسمع من قبل بأن نسب السلف هزائمهم إلى العين. بل كان عمر بن الخطاب يقول بأنّ الذنوب هي ما تؤخّر النصر حينما كانت الجيوش تمرّ بشدّة خلال فتحها للمناطق. ولهذا يجب أن يكون هناك حتما توازن وشرح وافي لفكرة العين في مجتمعاتنا، لأنّني بالفعل أراها مسيطرة على الناس، بينما لا يشكّ أحد بأنّ الله يعذّبه بذنوبه فقط ولا دخل للعين بذلك. وسأحاول البحث أكثر عن هذا الموضوع وكتابة مقال عنه.

قد ترغب بقراءة: أضرار مستحضرات التجميل… لنتعرّف معا على حقيقة الموضوع

الخلاصة

لا يمكنني حتما ذكر كلّ الخرافات الموجودة في هذا الكتاب الممتع. لكنّني أنصح بشدّة بقراءته لأنّه يحمل أفكارا مفيدة تفتح العقل على آفاق واسعة. وسيتمكّن الكتاب حتما من مسح بعض الخرافات من ذهن القارئ ليجعله يفكّر بانفتاحية أكثر.

كانت هذه مراجعتي عن كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس. وأرجو أن تكون هذه المراجعة شاملة وأن تحمّسكم لقراءة الكتاب.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا