ثانوية-الأشباح-الفصل-7

ثانوية الأشباح – الفصل السابع: أمجد

لقراءة الفصل السادس: ثانوية الأشباح – الفصل السادس: سرّ نجم

عدتُ إلى الصفّ وأنا أشعر بأنّ كلماته لا تزال تتردّد في أذنيّ. كان موقفا محرجا!!

مرّ ذلك اليوم بشكل غريب لأنّني في هذه المرّة لم أتخلّ عن غدائي لأجل لقاء…لا يهمّ!

حتّى في المنزل لم يكن بإمكاني نسيان ما حدث. اختلطت المشاعر عليّ، مرّة أشكّ فيه وأتّهمه بالكثير، ومرّة أقول لنفسي هو مجرد حلم مزعج ستستيقظين منه قريبا!

في اليوم التّالي وفي حصّة المكتبة، كان عليّ الجلوس مع أمجد ثانية. مزاجي معكّر دون الحاجة للمزيد منه!

وطبعا بدأنا بعرض حلّ المعادلة الّتي تحدّاني فيها و… أخطأت في المراحل الأولى من الحلّ!

حين عثر أمجد على الخطأ، رمقني بنظرة غريبة ثمّ قال “لم أتوقّع منكِ هذا، لكن هذا يعني أنّكِ ستتقبّلين عقوبتي لك”

-“ما الّذي تعنيه؟”

-“خطؤك فادح وكأنّكِ كنتِ نائمة وأنتِ تحلّينها. أنا لن أخسر التفوّق في المشروع بسببك، لذلك ستتقبّلين عقوبتي لتكون حافزا لك”

حافز! بل قل لتكون سلاحا ترهبني به! كان عليّ أن أتوقّع هذا منه، ماكر مثله لن يضيّع فرصة كهذه، وللأسف ليس من حقّي الرّفض!

-“موافقة، ما نوع العقوبة؟”

-“سنبقى اليوم أنا وأنتِ في المكتبة بعد الدّوام، بهذا سنستدرك الوقت الّذي سنضيّعه على المعادلة الآن”

-“ماذا تقول؟ بعد الدّوام؟!”

حين قلتُ عبارتي بارتباك نظر إليّ بلا مبالاة وقال بعفوية ساخرة “ماذا؟! لن نكون وحدنا، يبقى الكثير من الطلّاب للدّراسة في المكتبة بعد انتهاء الدّوام المعتاد”

-“أ…حسنا…لا بأس”

يا لغبائي! بل سحقا لكَ يا نجم! لولا أنّني كنتُ مشغولة البال بسببك لكنتُ حللتُ المعادلة السّخيفة، ولما كنتُ وقعتُ في هذه الورطة مع أمجد، سحقا لك!

في فترة الغداء رأيتُ أمجد مع شلّته وهو يحدّق بي بكلّ وقاحة!

اتّجهتُ إلى حنين وطلبتُ منها طلبا غريبا “بسبب بعض الظروف، عليّ أن أبقى مع أمجد في المكتبة بعد انتهاء الدّروس فهل… يمكنكِ البقاء معي؟”

رمقتني حنين بنظرة استغراب مع ابتسامة ظريفة وقالت “هل أنتِ خائفة منه؟!”

لوهلة شعرتُ بالحرج أمامها، منذ متى أخاف من أمجد أو غيره؟!

-“ليس خوفا، إنّما سأشعر بالرّاحة إن كنتِ معي”

-“لا تقلقي، أنا ورجاء سنبقى أيضا بسبب المشروع، وسنجلس قربكما لذا لا تهتمّي، لن أسمح له أن يزعج صديقتي”

كلمات حنين أعادت إليّ بعضا من روحي ومن ثقتي الّتي أشعر بأنّها بدأت تتبخّر.

بعد الدّوام وحين دخلنا المكتبة، وجدناها فارغة. حتّى المسؤول عنها كان قد خرج. يا للاهتمام بالطلّاب!

و الأمرّ من هذا هو أنّ عدد الطّلبة كان قليلا، أو ربّما بدا لي كذلك بسبب اتّساع المكان!

بدأنا العمل وحاولتُ أن أكون أكثر تركيزا لأعوّض غلطتي، ليس لأجل أمجد بل لأجل البحث!

كان كلّ شيء يسير بهدوء إلى أن انتبهتُ إليه قد بدأ يحدّق بي!

التفتُّ إليه مباشرة فقال وهو يبتسم “ما بالكِ هذه الأيّام؟! وكأنّ عقلك مشغول بأمر ما”

لا أصدق! حتّى أمجد لاحظ بأنّني تغيّرتُ مؤخّرا! كان الأفضل أن أتجاهل سؤاله فقلتُ محاولة تغيير الموضوع “إلى متى نستطيع البقاء هنا؟”

عاد هو إلى استخدام قلمه وقال دون أن ينظر إليّ “إلى السّابعة”

-“ومن يضمن ذلك؟”

-“وكأنّكِ لستِ من هذا الكوكب!”

قالها ثمّ التفت إليّ واستطرد “الحارس من يتأكّد من إقفال المكتبة والثانوية في السّابعة”

-“أي بعد غروب الشّمس”

-“ما الّذي ترمين إليه؟!”

وأخيرا فهم بأنّني أريد الإنصراف، لكنّ نظرته إليّ لا تبشّر بخير. وضع القلم من يده ثمّ أعاد جسمة للخلف مسترخيا على الكرسي وقال بابتسامة خبيثة “أنتِ عالقة معي هنا لذا لا تحاولي، وعموما عليكِ أن تشكريني لأنّني أكتفي بالتّحديق بك، اتّفقنا يا فتاة!”

يا للوقاحة! الآن برزت أنيابه!

سحبتُ كرسيي لأبتعد عنه ثمّ قلت بلهجة تحدّ “لن تجرؤ على فعل شيء”

وفجأة رأيتُه قدّم إليّ دفتره وقلمه ثمّ قال “لا لن أجرؤ، أرني مهارتك وقومي بحلّها بشكل صحيح بدل محاولة التملّص”

أنا بالفعل لا أفهم هذا الشّخص! يتصرّف بغموض ولا يمنحني فرصة لقراءة كلماته!

أمضينا الوقت بعدها ونحن نعمل. و خلال ذلك كانت حنين تتفقّدني بنظراتها بين الحين والآخر.

وفجأة شعرتُ بقشعريرة سرت في جسدي، تلاها صداع غريب لدرجة أنّني وضعتُ يديّ على رأسي غير قادرة على تحمّل الألم. لم يكد أمجد يحاول الإطمئنان عليّ، حتّى سمعنا صوتا عاليا دوّى في أرجاء الثانوية! كان أشبة بزمجرة حيوان متوحّش!

دبّ الرّعب في قلوبنا، وانتشرت الفوضى بين الطلّاب وهم يتساءلون عن مصدر الصّوت.

رفعتُ رأسي بصعوبة محاولة تبيّن الموضوع، وإذ بنجم ينظر إليّ بنظرات مرتبكة، ثمّ تحدّث قائلا “لقد… خرجت!”

لقراءة الفصل الثامن: ثانوية الأشباح – الفصل الثامن: الأشباح



التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا