الشيخة لطيفة

قصّة الشيخة لطيفة بنت حاكم دبي الكاملة وسبب حبسها

لقد ظهرت خلال اليومين الماضيين مجموعة من مقاطع الفيديو لابنة مجرم دبي، الشيخة لطيفة. مع أنّني لا أحب أن أطلق عليها هذا الاسم، بل هي لطيفة فقط. وبقدر ما فرحتُ لرؤيتها على قيد الحياة، بقدر ما شعرت بالأسى لرؤيتها محبوسة وقد بدأت أعصابها تنهار.

كانت الشيخة لطيفة قد حاولت الهرب مرّتين وفشلت. وقد تركت في محاولتها الأخيرة مقطع فيديو تحكي فيه كلّ شيء عن حياتها وأسباب هروبها، وكلّ ما تعرّضت له على يد والدها. ولا يبدو بأنّ الكثير من صفحات الأخبار قد شاهت الفيديو لتعطي الصورة الواضحة عن حياة لطيفة وسبب معاناتها. بل قاموا بطرح موضوح حبسها ومحاولتها الهرب فقط.

ولهذا سأسرد عليكم في هذا المقال قصّة لطيفة الحقيقية وما تعرّضت له خلال حياتها. وكلّ رجائي هو أن تحصل هذه المرأة الشجاعة على حرّيتها في أقرب وقت.

قد ترغب بقراءة: أصل عيد الحب وهل هو عيد ديني مسيحي أو عيد وثني؟

من هي الشيخة لطيفة ولماذا حاولت الهرب؟

لطيفة في الخامسة والثلاثين من عمرها حاليا، وكم هو محزن القول بأنّها قضت معظم سنوات حياتها سجينة لا تفكّر إلّا بشيء واحد: الحرّية. هي ابنة مجرم دبي وأمّها جزائرية اسمها حورية أحمد. ولها عدّة أشقّاء، أهمّهم أختها شمسة، تلك الفتاة الّتي ربّما تفوق معاناتها معاناة لطيفة.

الفيديو الّذي سجّلته لطيفة قبل اختفائها

في هذا الفيديو الّذي نشره أصدقاء مقرّبون من لطيفة بعد اختفاءها عام 2018، تحدّثت لطيفة عن كلّ شيء يخصّ حياتها وحياة أختها شمسة، وما عانته الأختان بسبب والدهما. وقبل بداية الحكاية، لا بدّ بأن نوضّح بأنّ حاكم دبي له حوالي 30 ابنا، لكن لطيفة وشمسة كانتا الأكثر وعيا لذلك أرادتا الحرّية رغم كلّ ما تملكانه من أموال.

بدأت الحكاية سنة 2000، حينما كانت شمسة مع بعض أفراد عائلتها في عطلة في بريطانيا. حيث قرّرت شمسة أن تغتنم تلك الفرصة لتهرب وتعيش حياتها بعيدا عن والدها المجرم الّذي يتحكّم في كلّ تحرّكات أبنائه. لكنّ المحاولة فشلت، حيث استطاع رجاله إلقاء القبض عليها وإعادتها إلى دبي على متن طائرة خاصّة. تمّ سجن شمسة ولم يعد مسموحا لها بالخروج أو برؤية أحد. بينما كانت لطيفة وبعض شقيقاتها يقمن بإرسال الأغراض إلى شمسة، إلى أن استطاعوا تهريب هاتف إليها. قامت شمسة في ذلك الوقت بمراسلة صحفي بريطاني أبلغته عمّا تعانيه من سجن. وقام الصحفي بنشر ذلك في مقال على صحيفة الغارديان.

بعد أن اكتشف والدها ذلك، تمّ استجواب الشقيقات اللّواتي شكّ في تهريبهنّ الهاتف لها. وأصبح الوضع معقّدا أكثر من السابق. لطيفة لم تستطع العيش بعد أن اختفت من حياتها أختها المقرّبة شمسة. كما كانت تتمنّى أن تجد طريقة لإنقاذ أختها. ولهذا فكّرت لطيفة في الهرب سنة 2002 حيث كانت في السادسة عشر من عمرها. قرّرت لطيفة التوجّه إلى عمان دون وجهة محدّدة، لكن سرعان ما تمّ إلقاء القبض عليها عند الحدود. وبهذا تمّ إعادتها بالقوّة، وتمّ وضعها في سجن.

ماذا بعد سجن الشيخة لطيفة؟

أمضت لطيفة ثلاث سنوات وأربعة أشهر في سجنها تتعرّض للتعذيب يوميا من قبل رجال أمرهم والدها بضربها يوميا. وقد كانت موضوعة في غرفه لا يدخلها ضوء الشّمس، ويتمّ أحيانا منع الإنارة عنها لعدّة أيّام لا تستطيع فيها أن تفرّق بين اللّيل والنهار. وكثيرا ما أبلغها أولئك الرجال بأنّ والدها قد أمرهم بضربها حتى الموت.

خرجت لطيفة من سجنها لمدّة أسبوع واحد بعد سنة واحدة فيه. لكنّها بدأت بالبحث عن شمسة وأصابها انهيار حيث بدأت بالصراخ للوصول إلى مكان شمسة، ما أدّى إلى إدخالها المستشفى، ثمّ إعادتها إلى السّجن. كان واضحا بأنّ سجنها كان بهدف إضعاف إرادتها لكي تخرج منه مطيعة لا تفتح فمها. لكنّ ذلك لم يحدث.

بعد أن خرجت لطيفة من سجنها نهائيا، أصبحت تعيش تحت رقابة مشدّدة، حيث لم يُسمح لها مغادرة دبي أو الدراسة في الخارج مثلا. وبعد كلّ ما عانته وبعد شغفها بالحرّية، وبعد كلّ ما رأته من والدها من تعذيب لها ولأختها، ومن قتل لكلّ من يعترضه، بما في ذلك أفراد العائلة، قرّرت لطيفة أخيرا بأنّها لن تعيش هذه الحياة، وبأنّها لن تفيد شمسة بشيء إن بقيت في دبي. ولهذا بدأت من جديد تعدّ لخطّة هربها من قبضة والدها.

وأخيرا وفي عام 2018، نفّذت لطيفة خطّتها بمساعدة بعض الأصدقاء، وقد كانت على وشك النجاح لولا أن تمّ إيقاف يختها، ومرّة أخرى تمّ إعادتها بالقوّة إلى دبي. وكان آخر ما رأته صديقتها هو عودة لطيفة وهي تصرخ طالبة منهم قتلها بدل إعادتها إلى ذلك الجحيم ثانية.

وبعد فشل محاولة الهرب تلك، اختفت أخبار لطيفة تماما، بينما تمّ نشر الفيديو الّذي كانت قد حضّرته في حال ما فشلت خطّتها. وقد شرحت فيه كلّ هذه الأحداث الّتي أحكيها في هذا المقال.

عادت قصّة لطيفة للظهور في هذا الوقت بعد أن نشرت شبكة BBC مقاطع فيديو كانت قد صوّرتها لطيفة خلال هذين العامين من اختفائها. وقد بدأ أصدقاء لطيفة بالقلق بعد أن توقّفت المقاطع.

قد ترغب بقراءة: أسباب التحرش الجنسي الحقيقية ولماذا أصبح أمرا طبيعيا

خلاصة القول

كما العادة، حينما تمّ توجيه الاتهامات إلى مجرم دبي، نشرت السفارة الإماراتية في بريطانيا تقول بأنّ لطيفة بخير وهي في رعاية أسرتها. ونستطيع طبعا أن نتصوّر كيف تكون تلك الرّعاية حتما. وكلّ خوفي هو أن يقوم بقتلها هذه المرّة.

في مقطع الفيديو الّذي نشرته لطيفة، تحدّثت فيه عن والدها باحتقار كبير. إذ ذكرت كيف يقوم بقتل وتدمير حياة النّاس بسهولة كبيرة بمجرّد أن يشعر بخطر منهم. وهذا المجرم كان سببا في هرب الأميرة هيا الّتي استطاعت أن تنجو وأولادها منه. لكنّ لطيفة وشمسة لم تكونا محظوظتين مثلها. ولا أحد يعلم حتّى الآن كيف هو حال شمسة، وإن كانت أصلا على قيد الحياة. وقد ذكرت لطيفة بأنّ شمسة كانت تتعرّض لأدوية مكثّفة وعلاج نفسي.

في النهاية لا يبدو بأنّ حاكم دبي سيترك لطيفة تفلت من بين يديه، فقد كانت فضيحة الأميرة هيا كافية بالنسبة له. إضافة لذلك، واضح بأنّ لطيفة ستفضح كلّ ما تعرفه عنه إن هي خرجت من دبي وحصلت على حرّيتها، وهو ما لن يسمح به. لكنّني لازلتُ آمل بأن تحصل معجزة ما وأن أرى كلّا من لطيفة وشمسة حرّتين، فهما تستحقّان ذلك.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا