لماذا يستغرق تطوير لقاح فيروس كورونا كوفيد 19 وقتا طويلا؟

مع بداية انتشار وباء كورونا كوفيد 19 في الصّين وبعض الدّول، راح النّاس يتساءلون عن سبب عدم تطوير لقاح له بشكل أسرع. وبعد أن أصبح منتشرا في مختلف أنحاء العالم تقريبا، زادت هذه التّساؤلات. بل وقد يتّهم البعض، ممّن لا يملكون معلومات صحيحة عن الفيروسات، بأنّ بعض الدّول لديها لقاح فيروس كورونا كوفيد 19 فعلا وتنتظر الوقت المناسب لطرحه أو شيء من هذا القبيل.

ولأجل إيضاح واقع هذا الأمر والتّأكيد على التحرّي قبل إطلاق الأحكام والتكهّنات، سأقدّم في هذا المقال شرحا مفصّلا عن كيفية تطوير لقاح للفيروسات. وليكون إجاية شافية لذلك السّؤال الّذي يدور بأذهان الكثيرين:

لماذا لا يمكننا الحصول على لقاح فيروس كورونا كوفيد 19 بتلك السّهولة الّتي يتوقّعها البعض، وفي فترة قصيرة كما يعتقدون؟

لا بدّ أوّلا أن نتعرّف على مراحل تطوير لقاح أيّ فيروس، والمدّة الّتي يستغرقها. فتطوير لقاح لا يعني إيجاد علاج مخبري ثمّ تجربته على مريض واحد لنحصل على النّتائج في اليوم التّالي. فالأمر أكثر تعقيدا بكثير.

احصل على ثانوية الأشباح

قد ترغب بقراءة: مقارنة بين فيروس كورونا كوفيد 19 وفيروسات سارس و ميرس و إيبولا و إنفلونزا الخنازير

مراحل تطوير اللقاح

1. فترة الاستكشاف: وهي المرحلة الّتي يتمّ فيها دراسة الفيروس مخبريا لفهم طريقة عمله وبناء الحلول الممكنة. وقد تستغرق هذه المرحلة من سنتين إلى 4 سنوات.

2. فترة ما قبل التجارب السريرية: حيث تتمّ فيها تجربة اللّقاح على خلايا مخبرية أو على حيوانات كفالئران للتأكّد من فاعلية اللّقاح. تستمرّ هذه المرحلة ما بين سنة إلى سنتين. ولا يمكن تجاوزها دون الحصول على نجاح مؤكّد.

3. فترة التجارب السّريرية: تبدأ خلال هذه المرحلة تجربة اللّقاح على الإنسان. وتنقسم بدورها إلى 3 مراحل.

– المرحلة 1: تُعنى هذه المرحلة بتجربة اللّقاح على البشر من خلال مجموعة صغيرة فقط، ما بين 20 إلى 80 شخصا. حيث تتمّ مراقبة المتطوّعين خلال هذه المرحلة. ولا يتمّ تجاوزها إلّا بعد التأكّد من نجاحها.

– المرحلة 2: تتمدّد التّجربة لتضمّ مئات الأشخاص. ويُحتمل وجود أشخاص ممّن هم تحت خطر الإصابة بالفيروس. تتمّ مراقبة المتطوّعين ومراقبة استجابة أجهزتهم المناعية وما إلى ذلك.

– المرحلة 3: وتخصّ هذه المرحلة آلاف الأشخاص أو مئات آلاف الأشخاص، وذلك لدراسة أيّ آثار جانبية لم تظهر في المجموعة الصّغيرة من المتطوّعين. تستغرق مراحل التجربة السريرية حوالي عام حسب الخبراء. والمرحلة 3 هي الأصعب لصعوبة الحصول على هذا العدد الكبير من المتطوّعين لتجربة اللّقاح الّذي لم تثبت فعاليته بعد.

4. المراجعة والموافقة: بعد نجاح اللّقاح على مجموعات كبيرة، يمرّ بمرحة الموافقة عليه والحصول على ترخيص لتصنيعه من قبل الهيئات المختصّة.

5. مرحلة التّصنيع: وهي مرحلة صعبة أيضا وحسّاسة للغاية. فتصنيع اللّقاح بكمّيات كبيرة يحتاج لتمويل ضخم. ومع تجارب سابقة، قد تتخوّف المصانع من عملية التّصنيع لأنّ الوباء قد يزول وتتراجع الدّول عن طلب شراء اللّقاح. إضافة لذلك، على كلّ جهة تقبل بالتّصنيع أن ترسل عيّنات إلى الجهة المسؤولة عن ترخيص تصنيع اللّقاح، وذلك لضمان أنّ كلّ شيء يسير بشكل جيّد.

6. مرحلة ضمان الجودة: حيث تتمّ مراقبة جودة اللّقاح بعد طرحه في الأسواق، وذلك من خلال أيّ تبليغات عن آثار جانبية له.

لقاح فيروس كورونا كوفيد 19

إذن بعد أن اطّلعنا على مختلف المراحل الّتي يمرّ بها اللّقاح ليكون جاهزا للاستخدام، علينا أن نتساءل الآن عن إمكانية الحصول على لقاح في وقت قريب.

في الحقيقة هناك حاليا 16 جهة تحاول تطوير لقاح فيروس كورونا كوفيد 19. إذ سنتعرّف هنا عليها وعلى المرحلة الّتي وصلت إليها كلّ منها.

1. Gilead Sciences: قامت الشرّكة الأمريكية بتطوير لقاح يُدعى remdesivir  تتمّ تجربته سريريا في خمس مناطق في مختلف أنحاء العالم. كانت الشّركة قد طوّرته لعلاج إيبولا لكنّه لم ينجح. يسير اللّقاح الآن في المرحلة 3، حيث تقوم الصّين بتجربته على أعداد كبيرة من المرضى.

2. Ascletis Pharma: تجرّب الشّركة الصّينية لقاحان موافق عليهما ضدّ فيروس الإيدز والتهاب الكبد ج. لازالت التّجربة في المرحلة 1.

3. Moderna Therapeutics: وهي التّجربة الأمريكية الّتي بدأت منذ أيّام من خلال لقاح يسمّى mRNA-1273. حيث كانت الشّركة تعمل على تطوير لقاح لفيروس ميرس. لازالت التّجربة في المرحلة 1.

4. CanSino Biologics: وهي شركة صينية كانت قد استطاعت إيجاد لقاح لفيروس إيبولا. قالت الشّركة أنّها حصلت على الموافقة اللّازمة لبدء التّجارب السّريرية على البشر والّتي ستبدؤها قريبا. ما يعني أنّها في المرحلة 1.

عدا هذه المحاولات الأربع، لازالت بقيّة المحاولات لإيجاد لقاح فيروس كورونا كوفيد 19 في فترة ما قبل التجارب السّريرية.

وتعود هذه المحاولات لـ:

  • الشركة الأمريكية Arcturus Therapeutics.
  • الشّركة الألمانية BioNTech.
  • الشّركة الألمانية CureVac.
  • الشّركة الأمريكية Eli Lilly.
  • الشّركة البريطانية GlaxoSmithKline.
  • الشّركة الأمريكية Inovio Pharmaceuticals.
  • الشّركة الأمريكية Johnson & Johnson.
  • الشّركة الأمريكية Pfizer.
  • الشّركة الأمريكية Regeneron Pharmaceuticals.
  • الشّركة الفرنسية Sanofi.
  • الشّركة اليابانية Takeda.
  • الشّركة الأمريكية Vir Biotechnology.

كثير من هذه الشّركات لها محاولات واعدة لإيجاد لقاح فيروس كورونا كوفيد 19. لكنّها لازالت لم تبدأ تجاربها على البشر.

الخلاصة

يتّصح الآن جليّا لماذا يقول الخبراء دوما أنّ العثور على لقاح يستغرق ما بين عام إلى 18 شهرا. فالسّير حسب مراحل تطوير اللّقاح أمر ضروري. وحتّى بعد نجاح اللّقاح وتجاوزه المرحلة 3 من المرحلة السّريرية، فالموافقة عليه وتصنيعه يحتاج لمجهود وعدّة ترتيبات.

فقد حصل من قبل مع فيروس إنفلونزا الخنازير أن ألغت كثير من الدّول طلبها للّقاح بعد أن أصبح جاهزا، وذلك لأنّ الوباء بدأ يتلاشى بشكل كبير. فتصنيع اللّقاح يحتاج لعدّة حسابات تؤدّي إمّا إلى ربح كبير للجهة المصنّعة، وإمّا لخسارة.

لكن يمكننا القول أنّ إيجاد لقاح فيروس كورونا كوفيد 19 سيكون ربحا مؤكّدا. فقدرته على القتل كبيرة نسبيا. كما لم يستطع العلماء من قبل إيجاد لقاح لهذا النّوع من فيروسات كورونا مثل سارس وميرس. إذ ستكون خطوة كبيرة أن يتمّ العثور على لقاح لمثل هذه الفيروسات الخطيرة والمهدّدة لحياة البشر.

في الأخير، إليكم هنا إحصائيات عن منظمة الصحة العالمية لمختلف المحاولات لتطوير لقاحات لفيروسات هدّدت حياة الإنسان، وما نسبة نجاح تلك المحاولات من فشلها.

إحصائيات عن تطوير لقاح للفيروسات. المصدر: منظمة الصحة العالمية

قد ترغب بقراءة: أضرار مستحضرات التجميل… لنتعرّف معا على حقيقة الموضوع

المصادر

Vaccine Testing and the Approval Process

Vaccine Development, Testing, and Regulation

An updated guide to the coronavirus drugs and vaccines in development

Why will it take so long to make a coronavirus vaccine that can prevent COVID-19?

When will a coronavirus vaccine be ready?



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا