ثانوية-الأشباح-الفصل-13

ثانوية الأشباح – الفصل الثالث عشر: الجثث

لقراءة الفصل السابق: ثانوية الأشباح – الفصل الثاني عشر: أمجد يتغيّر

بعد ليلة من القلق والأرق، استيقظتُ متلهّفة للذّهاب إلى الثانوية. في الواقع، أنا لم أنم مطلقا!

يمجرّد أن وصلتُ إلى القسم، بدأتُ بالبحث عن أمجد إلى أن رأيتُه قادما في ساحة الثانوية، و… نزلتُ إليه!

وقفتُ أمامه وقلتُ بلهفة “جيّد أنّك بخير!”

رمقني هو بنظرة خفيفة، ثمّ أبعد نظراته عنّي وقال “غريب أن تقلقي عليّ!”

أجل غريب! لكنّني فعلا قلقتُ عليه!

-“إذن ما النّتيجة؟”

-“لنجد نجم أوّلا وبعدها سأخبرك”

كلام أمجد وابتسامته يدلّان على أنّه عثر على شيء مهمّ.

اتّجهنا إلى الجهة الخلفية للثانوية متجاهليْن الحصّة الدّراسية، وبمجرّد أن توقّفنا، ظهر نجم أمامي وبابتسامته المعتادة قال “كيف أنتما؟”

أحببتُ سؤاله! ليس فقط لأنّه يبدي اهتماما اتّجاهي بل لأنّه انسجم مع أمجد أيضا.

بعد أن تبادلنا التحيّة وما إلى ذلك من العبارات غير المعتادة، سحب أمجد مجموعة أوراق من حقيبته ثمّ قال “لن تصدّقا ما عثرتُ عليه!”

صمتنا أنا ونجم مترقّبين تتمّة الكلام، فعرض أمجد الأوراق أمامنا وقال “كانت عمليّة سرقة ناجحة، وقد عثرتُ على ما يثبت بأنّ فاضل الذّهبي متورّط في الجريمة، حسب المعلومات المكتوبة هنا، فجثث الأساتذة ليست مدفونة حيث يظنّها أهالي القتلى!”

-“هل خدعهم إذن؟”

-“أجل، جعلهم يدفنون شيئا آخر، أو ربّما أشخاصا آخرين ليأخذ هو الجثث، وحين فرغ منها دفنها في حديقة مزرعته الّتي تقع في المدينة المجاورة”

حين فرغ أمجد من عبارته، رأيتُ نجم أطرق مع نفسه لوهلة ثمّ قال “لا شكّ بأنّه احتاجها لاستكمال تعويذته. نحتاج إلى عامليْن الآن: أوّلا علينا التأكّد من وجود الجثث في المزرعة، وثانيا نحتاج لدليل يثبتُ بأنّه من قام بنقلها”

كنتُ أفتّش تلك الأوراق إلى أن عثرتُ على عبارة كتبها الصّحفي، وكأنّه يحكي ما رآه. فبدأتُ بقراءتها بصوت مسموع “أخرَج فاضل الذّهبي الجثث وهو يلفّها بما يشبه الكفن المغطّى بالدّماء، كانت ستّة عشر جثّة، وهذا يعني بأنّها لا تشمل الأساتذة وحسب بل…”

يا إلهي! كانت جثّة نجم واحدة منها، يا إلهي!!

شعرتُ بثقل في لساني ولم أستطع الحراك. وفجأة انتبهتُ إلى نجم الّذي أخذ الورقة من يدي ثمّ واصل القراءة “وهذا يعني بأنّها لا تشمل جثث الأساتذة وحسب، بل جثّة ابنه القاتل واحدة منها أيضا”

في تلك اللّحظة حوّل نظراته إليّ ثمّ ابتسم وقال “لا تهتمّي، كنتُ أعلم بأنّني ميت!”

يحاول مواساتي! أنا من يجب أن أواسيه، لكنّني لا أستطيع إلّا أن أشعر بالضّيق والحزن ورغبة في البكاء!! كان لديّ بصيص من الأمل، لا أدري كيف، لكنّني تمنّيتُ لوأنّنا نثبتُ براءته ويعود للعيش معنا بشكل طبيعي، يا لغباء تفكيري!

-“أنا آسفة”

كان بودّي أن أقول المزيد لكنّ أمجد تدخّل قائلا “أجّلا هذا، لا يزال الوقت مبكّرا على الوداع لذا لا داعي…”

وأمجد يشعر بالأسى حيال نجم! يا لصعوبة ما نمرّ به و يا لقسوته!

حاولنا نسيان الموقف، وتابعنا تفحّص الأوراق والّتي كانت عبارة عن كتابات لما جمعه ذاك الصّحفي حول الحادثة. ومن ضمن ذلك، كان قد كتب سبب خوفه من فاضل والّذي دفعه لعدم نشر معلوماته… التّهديد! زوجته وأبناؤه كانوا أوّل المهدّدين، ولا شكّ أنّ تهديدا كهذا قد طال كلّ الصّحفيين الّذين كتبوا عن الحادثة!

حين جمعنا كلّ المعلومات، قال نجم كخلاصة لما قرأناه “نعرف الآن من أين نبدأ، لكنّ المشكلة بأنّ هذه الوثائق لم تذكر أيّ شيء حول التّعويذة، أي إنّنا لازلنا بحاجة للأدلّة، كما ونحتاج طريقة لدخول المزرعة للبحث عن الجثث”

-“ألا تستطيع الخروج من الثانوية؟!”

عبارة أمجد هذه جعلتنا نفكّر في احتمال مختلف، لو خرج نجم من الثانوية بنفس قدراته فسيمكّننا ذلك من دخول المزرعة والقيام بالكثير.

صمت نجم قليلا ثمّ نظر إليّ بارتباك وقال “أظنّ أنّ الأمر يعتمد عليك”

مع أنّني أفهم ما يعنيه إلّا أنّني أتمنّى ألّا يواصل!

-“ظهوري كان مرتبطا بك، في الحقيقة… أنا أشعر بكِ حين تريدين رؤيتي ولهذا أظهر أمامكِ مباشرة!”

-“لم تخبرني بهذا من قبل!”

-“لم يكن هناك داع. على أيّ حال، أحاول أن أقول بأنّه إن رغبتِ في رؤيتي خارج الثانوية، فهناك احتمال كبير بأن تتحقّق رغبتك”

هذا محرج! مشاعري مكشوفة لنجم كلّ هذا الوقت وأنا لا أعلم!!



التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا