الصيادة-لينا-الفصل-12

الصيّادة لينا – الفصل الثاني عشر: الأمير

لقراءة الفصل الحادي عشر: الصيّادة لينا – الفصل الحادي عشر: تجربة جديدة

ندى قرّرت بالفعل الانضمام إلى المرتزقة، ولينا كسبت صديقين بالفعل خلال تجربتها الأخيرة، ولهذا لم تعد بحاجة للبقاء مدّة أطول. كانت لينا تعلم بأنّ الانضمام إلى المرتزقة لن يكون سهلا على ندى، لكنّها كانت تتساءل إن كان حسام قد عرف عنها ما جعله يراها شخصا مناسبا. لم تكن لينا تنوي التدخّل، لكن من باب الفضول سألت في طريق عودتها مع حسام قائلة “ماذا لو شعرت ندى بالخوف وقرّرت التوقّف عن العمل؟”

“لن يحدث ذلك” قالها حسام بنبرة هادئة وواثقة، وحينما شعر بأنّ لينا تنتظر المزيد أضاف “تلك الفتاة قويّة الإرادة بالفعل، سجاذتها هي نقطة ضعفها وهو أمر يمكن إصلاحه”

“مممم” قالتها لينا وهي لا تنوي أن تسأل أكثر لأنّها تذكّرت ما تعرف عن المرتزقة. هم بالفعل إمّا أيتام عاشوا حياة صعبة أو تعرّضوا للأذى الشديد من قبل أهاليهم. ربّما لهذا اختارها حسام، فندى يتيمة ولا شكّ بأنّ حياتها كانت صعبة حتّى قبل زواجها.

حينما عادت لينا إلى منزل ندى بعد مبارزتها مع حسام، وجدتها هناك مع طفلتها ومع صديقتها الّتي كانت تعتني بالطفلة.

طلبت لينا من ندى التحدّث معها بالخارج، وبمجرّد خروجهما قالت لينا “هناك بالفعل شخصان من مرتزقة البرق هنا، لا أعلم إلى أين ذهب حسام لكنّه سيأتي إليك بعد بضعة أيّام”

نظرت ندى حولها وشعرت بأنّها تستنشق الهواء لأوّل مرّة منذ عدّة سنوات، كانت تشعر بأنّها حصلت على الحرّية بعد سجن استمرّ مدّة طويلة.

التفتت ندى إلى لينا وقالت “لقد فعلت الكثير من أجلي لذلك لا داعي للبقاء مدّة أطول، سأكون بخير”

ابتسمت لينا لأنّ ندى عرفت بالفعل بأنّها ترغب بالمغادرة وقالت “يمكنك إرسال رسالة لي لإخباري بأحوالك إمّا إلى قصر الشمال أو قصر الشرق”

“سأفعل”

اقتربت لينا من فرسها وامتطها ثمّ نظرت إلى ندى قائلة “سأراك في المرّة القادمة”

ابتسمت ندى وقالت “سأكون بانتظارك”

انطلقت لينا بفرسها وهي تنوي الوصول إلى العاصمة بأسرع وقت. لقد أضاعت بالفعل عدّة أيّام في مكان ما كان يجب أن تتوقّف فيه لمدّة طويلة، لكنّها لم تكن نادمة. فعدا عن تلك التجربة الغريبة، كان من الرائع لقاؤها بحسام الّذي لا يظهر وجهه إلّا نادرا. لكن من جهة أخرى، كانت لينا تخشى من وصول أخبار لقائها بزعيم المرتزقة إلى رامز، سيكون قلقه أمرا مزعجا حقّا.

بعد مرور ثلاثة أيّام دون الكثير من الراحة، وصلت لينا إلى وجهتها. لم تكن عاصمة الوسط تختلف عن عاصمة الشرق، فهي مدينة كبيرة زاهية يمكنك العثور فيها على كلّ ما تريده، وربّما كانت أكبر من عاصمة الشرق بقليل.

حينما اقتربت لينا من القصر، أطلقت لير كعادتها ليعلن عن وصولها. وبالفعل، بمجرّد أن رأى من في القصر لير توجّهوا لاستقبال الصيّادة.

بمجرّد أن اقتربت لينا من القصر، لمحت الأمير كعادته بانتظارها، وقد جعلها ذلك تبتسم وتقول في نفسها ‘لا يملّ أبدا’.

ترجّلت لينا عن فرسها وقد كان في استقبالها الأمير ومساعده ورئيس الخدم وقائد الفرسان. لكن على عكس الشرق، لم تكن للينا أيّ علاقات وثيقة بأهل القصر هنا، بل تعرفهم معرفة عابرة وتحيّيهم تحيّة عابرة، ما عدا الأمير طبعا. ربّما كان ذلك بسبب كونهم حذرين معها، وهو أمر طبيعي بما أنّهم يخدمون أمير البلاد ويعرفون بأنّ الصيّادة شخص حرّ لا تنحاز لأيّ منطقة.

“مرحبا بالصيّادة”

قالها الأمير فردّت لينا بابتسامة “من الجيّد رؤيتك رائد”

كانت عفوية لينا في مناداة الأمير باسمه أحد العوامل الّتي تجعله يتعلّق بها أكثر ولا يفقد الأمل، لكن للأسف لم تكن تعرف ذلك. يملك الأمير شعرا أشقر طويلا قليلا وعينين بلون العسل، ويرتدي عادة أطقما مبهرجة نوعا ما تبدو أنيقة وفاخرة. 

بعد أن استراحت لينا، دعاها الأمير إلى لقائه في غرفة الاستقبال، وهو ما يحدث دوما حيث يجلس الاثنان معا للتحدّث عن آخر الأخبار. عادة ما تقابل لينا الملك في وقت متأخّر لأنّه يكون مشغولا بالعمل، أو هذا ما يقوله الأمير على الأقلّ.

جلست لينا أمام رائد وهي تشرب فنجان الشاي الخاصّ بها بصمت، بينما حدّق هو بها للحظات ثمّ قال “إذن ألا تنوين الموافقة على عرضي؟”

“لازلت أرفض” قالتها لينا مباشرة فقال الأمير مبتسما بعد أن رفع فنجان الشاي “يا للأسف”

“لو أنّك تزوّجت منذ الوقت الّتي بدأت تطلب منّي هذا الطلب لكنت أبا الآن”

ضحك الأمير وقال بهدوء “أنا أريدك أنت وليس أيّ فتاة أخرى”

لو كانت هناك فتاة أخرى قد تعرّضت لكمّ طلبات الزواج من الأمير كما حصل مع لينا، لكانت قد وقعت في حبّه ووافقت على الزواج. لكن بالنّسبة للينا، فقد كان ذلك طلبا مضحكا في أحسن الأحوال. لكن رغم أنّ لينا لا تفهم كثيرا مثل هذه الأمور، إلّا أنّها تستطيع أن ترى فرقا بين رائد وريان. فريان كان جادّا في إعجابه بها، لكنّها تشعر بأنّ الأمير لا يريدها هي فقط، بل يريد قوّتها أيضا.

اكتفت لينا بالتحديق برائد فقال مبتسما “أنت تعرفين بأنّني لن أتوقّف عن المحاولة”

“أعلم” قالتها لينا وأنهت فنجان الشاي فوضعته على الطاولة أمامها وقالت “هل نتحدّث عمّا هو مهم؟”

ابتسم الأمير وتنهّد بعمق كما لو أنّه لا يوافق على كون موضوع الزواج أمرا غير مهم، فما كان من لينا سوى أن تجاهلت ذلك وقالت “يبدو بأنّك أصبحت مقرّبا مؤخّرا من سيّد الغرب؟”

وضع الأمير فنجان الشاي على الطاولة وقال بهدوء “وماذا في ذلك؟”

“أنا فقط أتمنّى ألّا يكون هناك مخطّط من نوع ما دون علمي”

كان كلام لينا يبدو كتهديد، والأمير يعلم بأنّ لينا لا تهتمّ سواء كان الأمير أو الملك، فهي لا تخشى أيّ شيء.

صمت الأمير لبضع لحظات ثمّ قال دون أن تختفي ابتسامته “أنت تقضين معظم وقتك مع سيّد الشرق فلماذا لا يشكّ أحد بأنّكما تخطّطان لشيء ما؟”

حدّقت لينا برائد قليلا ثمّ قالت “لا تتهرّب بطرح موضوع لا علاقة له بسؤالي، أنت تعلم بأنّ سيّد الغرب يرغب باستغلال طاقة الظلام في الجبل، ولهذا لا تعجبني كلّ تحرّكاته”

“حتّى لو كان الأمر كذلك، لا يعني لقائي به أن أتعرّض للاستجواب منك”

تنهّدت لينا بعمق وقالت “أنا لا أريدك أن تكون عدوّا لهذا أسألك وأحذّرك، أنا لن أتساهل مع من يعبث بطاقة الظلام، وأنت لست ممّن أريد خسارتهم بسبب ذلك”

قد يبدو كلام لينا مؤثّرا يظهر كم تهتمّ لأمر الأمير، لكن في الواقع رامز هو من علّمها كيف تتكلّم بهذه الطريقة، وذلك لكي تستطيع التعامل مع الناس بذكاء دون إخافتهم. 

ابتسم الأمير ابتسامة هادئة وقال “لا تقلقي، أنا أيضا لا أريد أن أكون عدوّا للفتاة الّتي أحبّها”

عرفت لينا في تلك اللّحظة بأنّها لن تحصل على شيء من شخص متلاعب مثله، ولهذا لم ترغب بمواصلة الحديث عن الموضوع. كانت لينا تعلم بأنّ الأمير شخص ماكر، ولهذا سيكون عليها مراقبته ومراقبة سيّد الغرب إلى أن يتحرّك أحدهما.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا