الصيادة-لينا-الفصل-6

الصيّادة لينا – الفصل السادس: المبارزة

لقراءة الفصل الخامس: الصيّادة لينا – الفصل الخامس: في قبضته

في اليوم التالي استيقظت لينا متأخّرة عن المعتاد. في الواقع كانت ترغب بالنوم أكثر لكنّها لم تستطع سوى أن تستيقظ بسبب ضجّة من في القصر. رغم أنّ الشخص الطبيعي لن يسمع الضجّة في غرفة مقفلة، إلّا أنّ حواس لينا الحادة مختلفة عن الشخص الطبيعي.

بعد أن جهّزت لينا نفسها وخرجت من غرفتها، التقت نغم مباشرة في الرواق المؤدّي إلى الطابق السفلي. وبمجرّد أن رأتها نغم قالت بابتسامة “أخيرا استيقظت الأميرة النائمة”

“أعتقد بأنّني آخر شخص يمكن أن تقولي عنه أميرة” قالتها لينا بابتسامة فردّت نغم قائلة “حان الوقت لتغيير الصورة النمطية عن الأميرات، أن تكون الأميرة مرعبة هو أمر مثير أيضا”

ضحكت لينا فقالت نغم “أين تريدين تناول فطورك؟”

صمتت لينا للحظة كأنّما تفكّر في المكان ثمّ قالت “هل استيقظ رامز؟”

“هو في مكتبه بالفعل” 

ابتسمت لينا وقالت “إذن أحضريه إلى مكتب رامز، لكن بعد أن أعود من التدريب”

توجّهت لينا إلى مكتب رامز حيث طرقت الباب ودخلت قائلة مباشرة “هل ستتبارز معي أم أسأل ريان؟”

رفع رامز رأسه عن ملفّاته الّتي كان يعمل عليها وقال “اتركي ريان وشأنه، اسبقيني وسألحق بك”

وبالفعل توجّهت لينا إلى ساحة التدريب الّتي كانت ممتلئة بالفعل بالفرسان. لينا لم تبدأ تعلّم المبارزة بالسيف إلّا قبل ثلاث سنوات، أي منذ ظهورها الغامض في القارة، وهو وقت قصير جدّا مقارنة بالسيّاف الّذي يبدأ التعلّم منذ الصغر. لكن رغم ذلك استطاعت لينا إتقان استخدام السيف بما يكفي للقتال به. عادة ما يبني السيّاف طاقة جسده عبر التدريب، حيث يقوم بضخّ تلك الطاقة في سيفه لجعل ضرباته أقوى يمكنها اختراق العظام وتفتيت الحجر. لكن بالنّسبة للينا، فهي لا تملك هذه الطاقة ولم تستطع تكوينها مهما حاولت، ولهذا تستخدم طاقة الظلام بدلا من ذلك، وهو ما يجعل ضربات سيفها قويّة. أخبرها ريان بأنّ السبب قد يكون لأنّها تملك بالفعل طاقة غريبة في جسدها ولا يمكنها تكوين طاقة خاصّة بها، وقد كان ذلك تفسيرا منطقيا إلى حدّ كبير.

حينما وصلت لينا إلى المكان الّذي تتدرّب فيه عادة، حيّت الفرسان من بعيد بما فيهم ريان، وقاموا هم بتحيّتها أيضا. كانت لينا قد أحضرت سيفها معها بالفعل فوضعته جانبا على الكرسي الحجري القريب منها وجلست تراقب تدريبات الفرسان. 

لم يمض وقت طويل إلى أن حضر رامز وهو يحمل سيفه في يده. اقترب رامز من لينا فوقفت وحملت سيفها وسحبته مستعدّة لبدء المبارزة. وقف رامز أمام لينا وسحب سيفه بدوره وقال مبتسما “لا تتهوّري خلال المبارزة”

في الواقع، كان الاثنان يتدرّبان بسيوف خشبية لفترة طويلة، وقد كان رامز مدرّب لينا الرئيسي، بينما كان ريان يقوم بذلك حينما يكون رامز مشغولا. لكن بعد أن شعرت لينا بأنّها أتقنت استخدام السيف، أصبحت تطلب من رامز مبارزتها بسيف حقيقي، وهو ما رضخ له مرغما. رامز يعرف كيف يستطيع تجنّب أذيّتها أو التعرّض للأذى، لكنّه رغم ذلك يخشى أن تقوم بحركة لا يتوقّعها ويحصل خطأ ما.

كانت بنية رامز الجيّدة تبدو واضحة حينما يقف أمام لينا، فرغم أنّها بدورها تملك جسما صحّيا وقامة طويلة بما يكفي، إلّا أنّها تبدو صغيرة مقارنة برامز.

بدأت المبارزة بين الاثنين على الفور، وقد كان صوت التحام السيفين قويّا جدّا كالعادة، كما لو أنّ الرعد يضرب حولهما. لم يستطع الفرسان في تلك اللّحظة سوى التوقّف والنظر إلى رامز ولينا. رامز هو أحد أقوى السيّافين، وطاقته عالية جدّا تجعل ضربات سيفه مخيفة. أمّا لينا فتستخدم طاقة الظلام وتقوم بضخّها في سيفها. ولهذا السبب كان التحام سيفيهما منظرا فاتنا بالنّسبة لأيّ سيّاف يحبّ المبارزة بالسيف.

كان واضحا خلال المبارزة بأنّ لينا تصدّ ضربات رامز القويّة بصعوبة. فلو تحدّثنا عن المبارزة وعن مقدار الطاقة في الجسم، فرامز سيفوز حتما. لكن لو تحدّثنا عن طاقة الظلام فقط فلينا لا تُقهر. لكن بالمقابل، لا تستطيع لينا ضخّ مقدار كبير من طاقة الظلام في سيفها، ولهذا السبب لازالت تتدرّب لإتقان فعل ذلك.

استمرّت المبارزة لبعض الوقت إلى أن وجّه رامز ضربة قويّة جعلت لينا تتراجع قليلا إلى الوراء ثمّ قال “يكفي هذا”

لم يبدُ التعب ظاهرا على أيّ منهما، وهو ما يحسده عليهما الفرسان في كثير من الأحيان. قامت لينا بتمديد ذراعيها أمامها ثمّ همّت بإعادة السيف إلى غمده فقال رامز “لا يزال جسدك غير مرن بما يكفي”

“أستطيع الشعور بذلك” قالتها لينا ثمّ التفتت نحو رامز وأضافت “كما أنّ شخصا ما يضرب بقوّة ولا يمنحني الفرصة لمحاولة تعديل وضعية جسدي”

ضحك رامز ثمّ قال “هذه أفضل طريقة لتعليم شخص يملك قوى مرعبة مثلك”

لم تكن لينا مقتنعة تماما بطريقة رامز في تدريبها، إذ لا يسمح لها بأيّ فرصة للتعلّم خلال المبارزة، لكنّها تثق به ولهذا لا تعترض على أسلوبه.

في هذه الفترة اقترب ريان من رامز ولينا وقام بتحيّتهما ثمّ تحدّث مع رامز قائلا “هل ستقود جولة اليوم إلى القرى الغربية أو أذهب وحدي؟”

يملك ريان بنية جسدية جيّدة، ويفوق طوله طول رامز بقليل. غالبا ما يرتدي زيّا باللّون الأسود، بينما يتمثّل زيّ بقيّة الفرسان في اللّونين الرمادي والأبيض. يملك ريان شعرا أسود وعينان سوداوان، وهو ما يزيد من هيبته، إضافة إلى شخصيته الهادئة. ريان لم يحصل على رتبة قائد فرسان الشرق بسبب مظهره بل بسبب مهاراته وذكائه، لكنّ مظهره حتما يناسب تلك الرتبة.

“سيذهب معك لؤي” قالها رامز ثمّ وضع يده على كتف ريان وأضاف مبتسما “أنت مخيف لأرسلك وحدك”

تنهّد ريان بعمق ولم يستطع الاعتراض، فعلى عكس رامز الّذي يملك شخصية ساحرة ويجيد التعامل مع الناس، ريان شخص جامد لا يجيد المجاملة، ولهذا لا يقوم رامز بتقديمه حينما يتعلّق الأمر بالاطّلاع على أحوال المنطقة.

عاد كلّ من رامز ولينا إلى المكتب، وهناك كان لؤي جالسا على كرسي رامز مركّزا على العمل.

لقراءة الفصل السابع: الصيّادة لينا – الفصل السابع: هدوء



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا