ثانوية-الأشباح-الفصل-10

ثانوية الأشباح – الفصل العاشر: حيرة

لقراءة الفصل التاسع: ثانوية الأشباح – الفصل التاسع: اللّقاء

لا يُعقل! هل يراه؟! كيف ذلك؟!

نظرتُ إلى نجم وأنا غير قادرة الكلام فابتسم وقال “لا تستغربي، تعلّمتُ مهارات جديدة. أنا من سمحتُ له برؤيتي!”

ثمّ سمعتُ أمجد قال بلهجة استغراب “ماذا تعني؟ ومن أنت؟”

تقدّم نجم نحوي بعد أن مرّ بجانب أمجد، ثمّ استطرد كلامه حين وقف أمامي “أحدها أصاب الحارس بالأمس، أنا لم أكن أعرف بوجود حارس وإلّا لسعيتُ لحمايته، حمدا لله أنّه لم يقتله”

حتّى الآن لم أجد فرصة للكلام، وحين هممتُ بذلك فاجأني أمجد حين تقدّم من نجم و أمسكه من ذراعه بقوّة ثمّ قال “كيف تجرؤ على تجاهلي؟”

وبدوره نجم قام بضرب يد أمجد ثمّ قال متحدّيا “إيّاك أن تعبث معي”

حقّا رائع! حياتي مثيرة بما يكفي ولا أحتاج للمزيد منهما!

كان عليّ أن أشرح الموقف لأحدهما. الأغلب بأنّ نجم يعرف أمجد، ولهذا عليّ أن أشرح لأمجد، أنا أدين له بذلك  على أيّ حال!

اقتربتُ منه وقلت “لا داعي لافتعال شجار، سأشرح لك كلّ شيء”

حين قلتُ عبارتي رمقني نجم بنظرات لوم قال بعدها “لا يُعقل أنّكِ ستخبرينه؟!”

-“ولمَ ظهرتَ أمامه إن كنتَ لا تريده أن يعرف، والأهمّ من هذا هو أنّني أثق به”

أعلم بأنّني أزيد الطّين بلّة، لكنّني مرهقة وغير قادرة على التّفكير حتّى بعواقب كلماتي!

عبث نجم بشعره ثمّ حوّل نظراته عنّي، لم يرقه كلامي! أمّا أمجد فرأيتُه ينظر إليّ بانتظار ما سأقول، وكأنّني أفهم كلّ ما يحدث لأشرح له!

-“هذا الفتى هو نجم فاضل، الطّالب الّذي ارتكب جريمة القتل قبل عشر سنوات”

اكتفيتُ بهذا القدر منتظرة ردّة فعله ففاجأني بأن اقترب من نجم ثمّ قال “لكن، ألا يُفترض أن تكون عجوزا الآن؟!”

يحاول السّخرية منه! بدل أن يهتمّ بمعرفة القصّة لا زال يريد مشاجرته!

لوهلة ظننتُ بأنّ نجم سينفجر في وجهه لكنّه بدلا من ذلك ابتسم له وقال “ألا تجيد الحساب؟! يٌفترض أن أكون في السّابعة والعشرين، لكنّني محظوظ كما ترى!”

جيّد، يتشاجران بطرق متحضّرة!

استغرق الشّرح كثيرا من الوقت ليفهم أمجد ما حصل مع نجم، وتصديق ذلك لم يكن سهلا حتّى بعد أن رأى خدع نجم كالإختفاء و غيره!

السّؤال الأهمّ هو كيف سنوقف تلك اللّعنة أو أيّا كانت. وحين طرح أمجد هذا السّؤال قال نجم “أتعرفان شخصا يُدعى بفاضل الذّهبي؟”

-“لقب يُطلق على والدك صحيح؟ واحد من أكثر الرّجال غنى و نفوذا”

-“تماما، كلّ ما يحدث هنا بسببه، هو من جرّني لكلّ هذا”

يا إلهي! الأمور تزداد تعقيدا!

لم أر أيّ علامة استغراب على وجه أمجد، إنّما حدّق بنجم للحظات ثمّ قال “والدك يتسبّب في جعلك عالقا وسط كلّ هذا؟!”

-“صدّقني ليس أبا مثاليا!”

صمت نجم للحظات ثمّ قال “بمناسبة ما حدث بالأمس، عليكما منع أيّ شخص من البقاء في الثانوية بعد غروب الشّمس. واضح بأنّ تلك الأشباح تتجوّل فيها ليلا، وقد تؤذي أيّ شخص تجده”

-“لكن لمَ لم نسمع عن أيّ اعتداء من قبل؟”

أطرق نجم قليلا مع نفسه حين سمع سؤالي ثمّ قال “لا أعلم، كما قلتُ لكِ من قبل، أنا أختفي بمجرّد أن تخرجي أنتِ من الثانوية، ولهذا لا أدري تماما ما يحدث فيها ليلا”

-“الأمر بسيط، لم تسمح الإدارة للطّلبة بالمكوث في المكتبة إلّا قبل يومين، لهذا لم يحصل شيء في الأيّام الماضية”

أجل، تحليل منطقي من أمجد!

بعد لحظات سمعنا صوتا صادرا من الرّواق، أحدهم يمرّ من أمام القاعة، وستكون كارثة لو دخل ووجدني هنا مع أمجد!

حين رأى نجم ما بي من ارتباك، اقترب منّي وقال “الأمر المهمّ الّذي علينا الإهتمام به هو أن نحرص على جعلكِ بعيدة عن تلك الغرفة، ستجدين أنّ جاذبيتها لكِ ستزداد يوما بعد يوم، لذا كوني حذرة”

بعد أن انتهى من كلامه، أمسك بيدي ثمّ نادى أمجد بطريقة مستفزّة قائلا “اقترب منّي يا فتى!”

شعرتُ أنّ أمجد يتمنّى تحطيم عجرفته، لكنّه مع ذلك ذكيّ ويقدّر الموقف. اقترب منه بهدوء ثمّ أمسك بيده، وبلمح البصر نقلنا إلى مكان آخر. كانت الطّريقة الوحيدة للنّجاة!

وبمجرّد أن حصل ذلك ترك أمجد يد نجم وهتف قائلا “يا رجل! كيف تتعامل مع هذا بكلّ بساطة؟!”

-“ومن قال بأنّني أفعل؟!”

قال نجم جملته وكأنّه يتألّم  وهو يلفظ كلماتها!

صمت ثلاثتنا محاولين تجنّب الموقف، وبعدها التفت أمجد حوله ثمّ قال “أين نحن؟”

سار نجم بضع خطوات ثمّ التفت إلينا مبتسما وقال “هنا كانت البداية، نحن خلف القاعة الّتي بدأ منها كلّ شيء، لم أكن أرغب في سرد القصّة إلّا لأسيل لكنّني مرغم الآن!”

هه! يحاول إغاضة أمجد، لا يبدو أنّهما سيتّفقان!

-“اعلما بأنّ معظم أهل البلدة مشتركون في الجريمة بسبب تستّرهم عليها! هناك لعنة قديمة بالفعل، وتقول بأنّ مطّبقها سيهتدي إلى مكان ثروة نفيسة في بلدتنا. والدي صاحب نفوذ يخشى منه الجميع وبمجرّد أن بدأ التّحضير للطّقوس المطلوبة، شكّ الجميع بأنّه ينوي سحرا من نوع ما، لكنّهم مع ذلك لم يستطيعوا إيقافه أو حتّى الإبلاغ عنه خوفا من العواقب. علاقتي به كابن لم تكن طيّبة، فهو قد تخلّى عنّي وعن والدتي مذ كنتُ صغيرا. وعندما سمعتُ الأحاديث حول ما يفعله قرّرتُ إيقافه انتقاما لنفسي ومحاولة لتجنيب الآخرين شرّه. بحثتُ في مخطوطات قديمة من ممتلكاته، وظننتُني قد وجدتُ طريقة لإبطال مفعول تعويذته تلك. لكنّ الحقيقة بأنّ والدي تلاعب بي وجعلني أنفّذ آخر مرحلة منها، التّضحية بما يفوق العشرة أنفس. و لأنّ المنطقة المطلوبة قد تمّ بناء الثانوية عليها، فقد كان مناسبا له أن أكون منفّذ المهمّة، دخولي تلك القاعة حسب تعليماته كان يعني انطلاق تعويذته، وقتل الأساتذة كان نهايتها”

-“وما حدث بعدها يدلّ على نجاح تعويذته، عثر والدك على مناجم ذهب لم يتخيّل أحد وجودها في بلدتنا وصار واحدا من أثرياء العالم”

-“أعلم هذا، سمعتُه من الطلّاب”

في تلك اللّحظة رأيتُ أمجد يحدّق بنجم للحظات، ثمّ اقترب منه وقال “لم يكن والدك يخطّط لظهورك أنت وتلك الأشباح صحيح؟”

-“لا… كان يُفترض أن أقتلهم وأقتل نفسي بعدها، لكن يبدو بأنّ هناك خللا ما. ربّما قد قتلتُ نفسي بالفعل، لكن لمَ ظهرتُ الآن إضافة إلى أشباح الأساتذة المستعدّة للقتل؟ لا أعلم، لم أجد تفسيرا لهذا!”

-“وهل هناك طريقة لاختفاء تلك الأشباح؟”

اختفاء الأشباح، لا!

هذا يعني اختفاء نجم أيضا، لا يمكن أن أسمح بذلك!

قلتُ مباشرة بعد أن سمعتُ كلمات أمجد “لن نسعى لذلك قبل أن نثبت براءة نجم ونُدين والده، لو كنتَ تريد سببا منطقيا لظهوره الآن، فليكن بأنّه ظهر ليعلن للنّاس حقيقة ما جرى!”

لقراءة الفصل الحادي عشر: ثانوية الأشباح – الفصل الحادي عشر: دموع نجم



التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أسماء عابد
أسماء عابد   
أستاذة جامعية حاملة لشهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية. كاتبة ومدوّنة ومترجمة وباحثة أكاديمية تعشق الكتب والتاريخ والحضارات
تابعونا