يمكنكم قراءة الفصل الثاني من هنا: الصيادة لينا – الفصل الثاني: رامز
رامز بشبه لينا في طريقة التفكير، وربّما ذلك ما يجعلهما متوافقين بشكل كبير. فرامز لا يمنح الأمور أكثر من ظاهرها ولا يحبّ تعقيد الأمور أو التفكير فيها بعمق، ولهذا هو لا يسأل لينا أسئلة غير ضرورية، ولهذا أيضا تشعر لينا معه بالراحة. لكن لا يعلم كلاهما بأنّ إهمال التفاصيل قد يكون له آثار سيّئة جدّا.
وصل الثنائي إلى مكان ناء عن المدينة عند شجرة كبيرة تحيط بها الخضرة من كلّ جهة. هذا هو المكان المفضّل لكليهما للاسترخاء وتبادل الحديث.
نزلت لينا عن حصانها واستلقت على العشب تحت ظلّ الشجرة، بينما جلس رامز بجانبها.
استمتع الاثنان بلحظة صمت ثمّ قال رامز بعفوية “هل تبحثين عن شخص ما؟”
ارتفعت لينا لتجلس ونظرت إلى رامز بدهشة جعلته يرتعش للحظة ثمّ قال بارتباك “أقصد… رحلاتك لا تبدو أنّها لمجرّد الترحال، وكأنّك تبحثين عن شخص ما…”
وقفت لينا فورا وقالت وهي تحدّق برامز بملامح مرتعبة “كيف عرفت؟”
عرف رامز بأنّه قد وقع في ورطة كبيرة لكنّه مع ذلك حاول تدارك الأمر فوقف وقال “ما الأمر؟ لماذا…”
وقبل أن يكمل كلامه صرخت لينا قائلة “أجب عن السؤال”
“لم أعرف، كنت أخمّن فقط” قالها رامز ثمّ أضاف “اهدئي أوّلا…” وحاول الاقتراب من لينا، لكن سرعان ما فاجأته بأن استدعت لير. عرف رامز في تلك اللّحظة بأنّها تعتبره عدوّا.
“لينا ما الأمر؟”
بدت ملامح لينا وكأنّها فقدت شيئا أو شخصا ثمينا، لكنّها مع ذلك حاولت الحفاظ على الوضع تحت السيطرة. أخذت نفسا عميقا ثمّ قالت “هل تثق بي؟”
كان ذلك سؤالا غريبا في ذلك الموقف، ولهذا استغرق رامز بعض الوقت ليجيب قائلا بابتسامة مرتبكة “أحقّا تسألين هذا وأنت على وشك قتلي؟”
شعرت لينا بالضعف للحظة حينما رأت ابتسامته، إنّه رامز صديقها المقرّب الّذي لا تشعر بالرّاحة إلّا معه. لكنّها تعلم أيضا أنّها إن ضعفت فقد تكون نهايتها.
اكتفت لينا بالصمت وهي تحدّق برامز، بينما يقف لير على كتفها مستعدّا لتلقّي الأوامر. وحينما لم تجب عرف رامز بأنّه لا يملك الكثير من الخيارات فقال بهدوء “أنا أثق بك”
تنهّدت لينا كما لو أنّها شعرت بالراحة حينما سمعت كلامه ثمّ قالت “سيكون عليّ التأكّد بأنّك لست من أبحث عنه، لكنّ طريقة فعل ذلك مؤلمة قليلا”
رفع رامز يديه لأعلى كما لو أنّه يعلن استسلامه وقال “افعلي ما يحلو لك”
حاولت لينا قول شيء ما لكنّها شعرت بالاختناق فصمتت وربّتت على لير بصمت ليحلّق ويقترب من رامز بهدوء، وقبل أن يفعل أيّ شيء قالت “أغمض عينيك”
فعل رامز ذلك مباشرة وقال ساخرا “يبدو الأمر وكأنّني في حلم”
بالتّأكيد، فرامز بدوره لا يشعر بالراحة مع أحد كما يفعل مع لينا، وأن تنقلب ضدّه بهذه الطريقة الّتي يخشى فيها على حياته وهو معها أمر لا يمكن لعقله تقبّله بسهولة.
“لير” قالتها لينا ليقترب لير فورا من رامز ويلامس رأسه، ومباشرة شعر رامز بصداع قويّ جعله يضع يديه على رأسه مع أنّه كان ينوي أن يظهر بمظهر المسالم كيلا يسوء الموقف أكثر ممّا هو سيّء بالفعل. بدا الأمر وكأنّ هالة سوداء تحيط بلير ورامز، وبعض بضع لحظات من الألم سقط رامز فاقدا للوعي، ولحسن الحظّ استطاعت لينا إمساكه قبل أن يسقط على الأرض بشكل كامل. نظرت لينا إليه وقد تساقطت الدموع من عينيه بسبب طاقة لير الهائلة وشعرت بضيق شديد. وضعت لينا يديها على رأسها وتمتمت بارتباك قائلة “ماذا فعلت؟”
جلست لينا وبجانبها رامز فاقدا للوعي، بينما اختفى لير. لم تعرف لينا ما الّذي عليها فعله، كلّ ما كانت تعرفه هو أنّ رامز سيستيقظ خلال فترة وجيزة، وسيكون عليها مواجهته. كانت تلك فكرة مرعبة عذّبتها لحوالي ربع ساعة إلى أن شعرت برامز يتحرّك.
استيقظ رامز ووضع يده على رأسه، كان واضحا بأنّه لازال يتألّم.
نظرت لينا إلى رامز وملامح الشعور بالذنب تعلو وجهها. احتاج رامز إلى بعض الوقت إلى أن التفت إليها فقالت مباشرة “آسفة”
اكتفى رامز بالتحديق بها ثمّ وقف بحذر شديد لأنّه يشعر ببعض الدوار وقال “لنعد”
وقفت لينا وقالت ثانية “رامز أنا حقّا آسفة”
كان رامز قد ذهب إلى حصانه، وحينما سمع ما قالته التفت إليها وقال مبتسما “لنتحدّث لاحقا، لازلت أشعر بالصداع ولا أعتقد أنّني أستطيع إجراء محادثة هادئة الآن”
لم يكن بوسع لينا فعل شيء سوى الصمت والعودة إلى القصر. ركبت لينا حصانها وعاد كلاهما معا في رحلة كئيبة لم يسبق أن مرّا بها من قبل.
